تصحيح المفاهيم حول مولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

تصحيح المفاهيم حول مولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

أ . محمد علي صالح

 يخطئ كثير من الناس في فهمهم لحقيقة المولد النبوي حيث يتصورون تصورات خاطئة يبنون عليها مسائل طويلة، ومناقشات عريضة يضيعون بها أوقاتهم وأوقات القراء وهي كلها هباء؛ لأنها قائمة على تصورات لا أساس لها، وقد تكلم ثلة من العلماء عن حقيقة المولد النبوي،بما يظهر معه وضوح مفهومنا عن المولد الشريف. فإننا نقول: إن الاجتماع لأجل المولد النبوي الشريف ما هو إلا أمر عادي وليس من العبادة في شيء، وهذا ما نعتقده وندين به لله عزوجل، وليتصور من شاء ما يتصور؛ لأن كل إنسان هو المصدق فيما يقوله عن نفسه وحقيقة معتقده لا عن طريق حكم الآخرين عليه، وإن هذا الاجتماع بهذه الكيفية يعتبر أمرا عاديا ليس من العبادة في شيء، فهل يبقى بعد هذا إنكار لمنكر أو اعتراض لمعترض؟ لكن المصيبة الكبرى في عدم الفهم!

ولهذا يقول الإمام الشافعي: ما جادلت عالماً إلا غلبته ولا جادلت جاهلاً إلا غلبني. و إن أقل عوام الناس علماً يعلم الفرق بين العادة والعبادة، وحقيقة هذه وتلك فإذا قال القائل: هذه عبادة مشروعة بكيفيتها نقول له: أين الدليل ؟ وإذا قال: هذه عادة نقول له: اصنع ما تشاء؛ لأن الخطر كل الخطر والبلاء الذي نخشاه كلنا هو أن يلبس ثوب العبادة لفعل مبتدع غير مشرع بل من اجتهاد البشر، وهذا ما لا نرضاه بل نحاربه ونحذر منه، والحاصل أن الاجتماع لأجل المولد النبوي أمر عادي، ولكنه من العادات الخيرة الصالحة التي تشتمل على منافع كثيرة وفوائد تعود على الناس بفضائل وفيرة، لما فيه من عقد مجالس للدروس والمحاضرات المفعمة بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم، انطلاقاً من قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)، فإن لم يكن في اجتماعات المولد النبوي غير هذه المنفعة لكفت؛ لأن المؤمن يحتاج إلى التذكير في كل وقت وحين،كذلك من منافع الاجتماعات في شهر ولادته، أن الداعي يكون أقوى لإقبال الناس واجتماعهم وشعورهم الفياض بارتباط الزمان بعضه ببعض، فيتذكرون بالحاضر الماضي، وينتقلون من الشاهد إلى الغائب، وإن هذه الدروس التي تعقد في هذه الاجتماعات في حقيقتها وسيلة كبرى للدعوة إلى الله،وهي فرصة ذهبية ينبغي أن لا تفوت، بل يجب على الدعاة والعلماء أن يذكروا الأمة بالنبي صلى الله عليه وسلم بأخلاقه وآدابه وأحواله وسيرته ومعاملته وعباداته، وأن ينصحوهم ويرشدوهم إلى الخير والفلاح ويحذروهم من البلاء والبدع والشر والفتن. والحاصل أننا لا نقول بسنية الاحتفال بالمولد النبوي في ليلة مخصوصة، بل من اعتقد ذلك فقد ابتدع في الدين بلا شك؛ لأن ذكره صلى الله عليه وسلم والتعلق به يجب أن لا يكون متعلقاً بزمن دون غيره،بل يجب أن تملأ به النفوس.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :