دراسة بدأتها قبل أيام… ولا أعلم متى أكملها

دراسة بدأتها قبل أيام… ولا أعلم متى أكملها

  • أحمد ونيس المكي :: بنغازي

” ‏ﻗﺪ تقضي جلّ ﻋﻤﺮﻙ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭﻙ ، ﺛﻢ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺃﻧﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ كنت ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺭﻋﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻚ ” .
– بيرتراند راسل

( 1 )
كل ما لا نعرفه ، نسعى لمهاجمته ، نؤسس له جماعة – نختلق له شماعة – و نحشره من ثما بمؤخرة العالم ، و تظل بعد هذا كله ؛ مؤخرة العالم عذراء . صاحب الحق هو الشخص الذي يستأثر في مواجهة الآخرين بالمزايا والسلطات التي يخولها الحق . لكن هذا المفهوم نفسه لم يكتب له الظهور في احدى المرات بالمجتمعات المتخلفة ، الا من خلال جوانب الاقصاء و التحيز . وهو ما ادى لغياب الحق عن صاحبه قبل معناه .
مفهوم الحق يختنق بالجهل ؛ داخل هذا المكان… فكل فكرة ، كل صوت ، كل محاولة ؛ موصومة بالفشل والانتهاء قبل ان تسلك اول الطريق – خاصة – إذا كان خلفها النساء .
إن المشكل – جذري ، عميق – قديم – و متشابك . بدأ كضرسٌ فاسد بفيه المنطق ، حتى فقد المنطق أسنانه بعدئذ و ابتلعها التسوس دفعة واحدة .
إن ما نعيشه بحاضرنا اليوم يمتد من عمق شائك ؛ لتاريخ شفهي طويل و تدويني قصير . كل ظاهرة حدثت بالماضي لم تنته – بل تطورت ؛ خلال استرسالها بالحاضر اليوم – عبر جثث المفاهيم .

( 2 )
لا يلبث التاريخ في كل ساعة بأن يقر بمرحلة القوة ( القضاء الخاص ) او كما تصنفها فلسفة الاقتصاد بـ ” عصر الوحشية ” ، ويعرفها الجولوجيين بالعصر الجليدي ؛ بانها النواة الاولى لتنازع الحق في راحة التنظيم الأسري . ثم ماذا حدث ؟… فقد التنظيم الأسري – راحته كاملة – واستكان لنوع آخر من الحق – تحت طائلة الإقصاء المكتسب – من اهمية المرحلة .
في هذه المرحلة – مرحلة القوة – احب الانسان الأتكال على الطبيعة ، و سلبها كل شيء ؛ في محاولة لتوسعة مصادر حاجاته الحياتية ، فعاش على ما كانت تسقطه الأشجار ، وكل ما اكتست به الارض من اعشاب برية و حشرات ؛ إلى أن عرف – لأول مرة – حيلة قتل الحيوان عبر صناعة أدوات صيده … وبدأ العداء ينشب بينه وبين الطبيعة .

( 3 )
خسر الحيوان في تلك المواجهة جلده ، و أنيابه ، و مخالبه ، و أمعائه ، و لحمه… في حين عرفت الأسرة – لأول مرة – مفهوم التنعم بالدفء و الشبع ، وكان على الأخلاق عندها أن تستكن إلى الظل فقد نشأت أمامها للتو : مفهوم ( مادي ، نفعي ، غريزي ) جديد .
كانت المرأة في تلك اللحظات تمسد رؤوس أبناؤها ؛ بينما تشعل الحطب ، وتعد القدر ، لتشعر العائلة بحميمة النار و هي تلج حياة جديدة بكافة مناحيها – غير مدركة – أن وقتها… وقت الأسرة الأمية ، قد شارف على الانتهاء في ظل الأبوية الجديدة . وعندها كان على الأسطورة أن تنهض لتمجد المرحلة الجديدة ، التي نشأت أثر المواجهة بين غريزة البقاء ، و فك الحيوان و مخالبه من جهة ، و الأسرة الأبوية من جهة اخرى . …
حينذاك ، عرض الرجل على امرأته صفقة مربحة لطرف واحد… و هي أما الانضمام للمواجهة ، أو التنعم بدفء الجلود ، و تمسيد رؤوس الاطفال في – مقابل – التنازل عن رئاسة الأسرة ، وتعددية الغريزة الجنسية لصالحه .
يتبع …
______

2 يونيو 2020 –

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :