حكاية الأفعى والحطاب

حكاية الأفعى والحطاب

سالم أبوظهير 

يحكى أن حطابا كان يجمع الحطب من الغابة  ليبيع مايجمعه في السوق القريب من بيته في اليوم التالي… صاحبنا الحطاب كان مغروماً بعزف الناي، وكان كلما تعب من جمع الحطب ، يختار ضل شجرة يجلس تحتها قليلاً ليرتاح ، ثم يخرج من مخلاته نايه ويبدأ في العزف الشجىء العذب.

وفي يوم من الأيام ، وبينما الحطاب مسترسلاً يعزف على نايه بإنسجام ، خرجت عليه أفعى من جحرها تتلوى راقصة على أنغام نايه، لم يفزع منها الحطاب ، ولم يخف ، بل أستمر يشدو في العزف بحذر وتفنن وأبداع ، فيما استمرت الأفعى ترقص فرحاً وطربا على معزوفاته.

لما تعب الحطاب من العزف على الناي ، توقف عنه ، وتوقفت هي عن الرقص ، لكنها وقبل ان يضع صديقها نايه في مخلاته ليعود لعمله ويجمع الحطب ، أنسلت الأفعي لجحرها ، ثم خرجت منه وفي فمها دينار من ذهب ، وضعته بمحبة في حجر الحطاب وانسلت عائدة بهدوء لجحرها..العلاقة والمصلحة بين الحطاب الذي ترك مخلاته وجمع الحطب ، وصار همه نايه وترقيص الأفعي ليحصل على دينار الذهب، دامت لشهور ، طور فيها الحطاب من أمكانياته إرضاء للأفعى . وبذلك تحسنت أحوال الحطاب المعيشية ، لكن أحواله الصحية  كانت في تعثر وانحدار ، ودوام الحال من المحال.

ذات يوم مرض الحطاب مرضا منعه من الذهاب لجحر الأفعى ، فاعطي  لإبنه سره الثمين وأعطاه الناي، وطلب منه ان يفعل ماكان يفعل وأن يكتم سرهما ،ويبذل مايمكنه ليجعل الأفعى تداوم على الرقص وعلى منحه دينار الذهب.

صباح اليوم التالي قصد أبن الحطاب المكان ، وأخرج الناي ،وبدأ يعزف ، وخرجت الأفعى من جحرها وبدأت تتلوى أمام أبن الحطاب ، الذي (غره الشيطان)، ووسوس له أن يقتلها ويأخد من جحرها كل الدنانير ، داهمها بفأسه ، وانتبهت هي لغدره وخيانته ، أخطأ أبن الحطاب فقطع فأسه ذيلها بدل من الرأس ، فدارت عليه وتمكنت منه بلذغة قاتلة فمات ..

لما تأخر أبن الحطاب خرج الحطاب متثاقلاً يتفقد أبنه الذي وجده ميتا في المكان المعلوم ، ووجد بجانبه بعض من ذيل الراقصة وعرف ماحدث .

كتم الحطاب المكلوم سره وغيضه وغضبه، وبعد أيام رجع للغابه ، قصد ضل الشجرة ،أخرج نايه، وشرع يعزف كما كان أيام زمان ..أخرجت له الأفعى بعض من رأسها ، وكلمته من جحرها بحذر:

لا ياعزيزي ماعاد الأمر يستقيم ، وماكان بيننا أنتهى ولن يعود ، فلا أنت ستنسى أبنك الذي غذر بي فقتلته ، ولا أنا سأنسى ذيلي الذي قطعه أبنك .

رجعت الأفعى لجحرها وتحصنت به ، وماعاد الحطاب يجمع الحطب ولايعزف بالناي  حتى مات

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :