ديوان بركان الوردة للشاعرة شريفة السيد

ديوان بركان الوردة للشاعرة شريفة السيد

دكتور عمر فضل الله

بركان الوردة؟ معقول هذا؟ كلا ليس معقولاً ولا ينبغي أن يكون، إلا إن نظرت فرأيت أن هذا عنوان ديوان لـ(خنساء الشعر) شريفة السيد، حينها تسلم بإمكانية النقائض وبحق هذه الشاعرة دون غيرها في أن تجمع بين الوردة والبركان أو أن تطبق السماء على الأرض بنظمها ثم تعيدها كيف وأنى شاءت. فشريفة السيد شاعرة تقف وحدها في فضاء الشعر، لا يدانيها ابن أنثى كلا ولا ابنة حواء. ليس في هذا مبالغات، وإن كنت تشك في مقالي فدونك القصائد.

عرفتُ الشاعرة شريفة السيد قبل أشهر قليلة من كتابة هذا التقديم (نوفمبر 2019) يوم استمعت إليها في كلية تربية عين شمس تلقي قصيدة (أنا لا تشابهني امرأة). فكدت أطير من مقعدي. لم أر نظماً بهذا السمو ولا ناظمة بهذا الاعتداد. وقلت لها يومذاك: هذا ليس شعرك بل أملاه عليك شيطان شعرك وهو لعمري غير بقية شياطين الشعر. كيف لا وهي منذ البدء لا تقبل أن تكون شريكة مع غيرها

مَا كُنتُ أَقدِرُ أنْ أَكُونَ لطِيفة ً                  وَيَثورُ فِي جَنبَيكَ قلبٌ ثانِ

النَّارُ لوْ أشْعَلْتَها فِي أَضْلُعِي                 مَاذا تُفَكِّرُ أَنْ يَقولَ لِسَـانِي

جُرْحِي عَمِيقٌ ثُم إِنَّكَ فاعِلٌ                   أنتَ الحَبِيبُ وَأنتَ أنتَ الجَاني

فلا تجن على نفسك يا مسكين. وهي منذ المفتتح هادئة هدوء الوردة لكنها وردة تخفي بين أكمامها حمم بركان.

هُدُوئِي ليسَ ضَعفًا يا صَديقي … وَلا بِلِسَـانِيَ اليومَ انْهزَامُ

إذا انْفَجرَتْ شَريفةُ ذَاتَ حُزن ٍ.. فَقُلْ مَعَها علَى الدُّنيا السَّلامُ

وهي تفتح قلبها للجميع لكنها ترسم لك الخطوط الحمراء وفي كل قصيدها تصيبك بالرعدة إن أنت رمت مساساً بقلب هذه الشاعرة المستبدة

سَـــــأُدخِلُكُمْ فِيهِ جَمْعًا، فُرَادَى  ….   أُرَتِّلُ مَعزُوفَتِي المُســتَبِدَّةْ

أَنا الاسْمُ فارفَعهُ بِالضَّــــــمِّ فَخْرًا .. وَلَنْ تَكْسِرَنِّي صُرُوفٌ وَشِـدَّةْ

(شريفةُ) مَمْنُوعَةُ الصَّــــرْفِ حِينًا …  وَحِينًا أُزَيِّنُ حَرْفًا بِشَـــدَّةْ

شَــــرَارَاتُ قلبي الصَّــغِيرِ دَوِيٌّ …  وَبُشْرَى بِفَجْرٍ، وَصَعْبٌ تَرُدَّهْ

وَليسَ يَضُرُّ الشُّموسَ ارتِحَــال ٌ.. فَلِلشَّمسِ فِــي الصُّبحِ أَضْوأُ عَوْدَةْ

أَنَا الخَطُّ أَحْمَــرُ فاحْذَرْ غِيَابِي … غِيَــــابِي حُضُورٌ، وَعِيدٌ، وَرِعْدَةْ

ديوانها وردٌ وشطٌ وخرزٌ ملونٌ وسيمفونيات ومعزوفات من العشق والألم وحرف مكحل بالجمال ومدادٌ وأوراقٌ وأقلامٌ وشموسٌ وعنادلٌ وطيورٌ ونيلٌ وبوابات دهشة.

هُوَ الشِّعرُ لَستُ أَزيدُك قَولاً…. يُعَـــانِدُ فِيَّ جَميعَ الفُصولْ

يَجيءُ فيُدهِشُني، ثمَّ يَمْضِي … فَتَصْدَح عُصفورَتي بِالذُّهُولْ

أَلسْتُ التي فيهِ أَفنَيتُ عُمري.. وَصادَقتُ فِيهِ الغَرَامَ الخَجُولْ

لِمَاذا إِذنْ يَحجِبُ النُّورَ عَنِّي …؟ لأُصْبِحَ كَالبِئْرِ كالمُستحيلْ.؟

وهو ألم ودم من كأس عشقها ونزيف لا ينقطع حين تسقيك كأس الغرام مثنى وثلاث في عينيك

عَيناكَ سِـــحرٌ ليسَ نَعرفُ سِرَّهُ …. وَالسِّحرُ يُشفَى مِنْهُ لَوْ عُرِفا

وجبينك

الشَّمسُ تُشرِقُ في جَبينِكَ يا لَهَا …. مِنْ لَحظةٍ مَجنُونة الإِشرَاقِ

وصوتك:

أَطلقتَ صَوتَكَ في فَضائي فانبَرَتْ …. كُلُّ اِحتِمالاتي تَميلُ وَتُقْبِلُ

ألم أقل لك إنها جنية يملي عليها شعرها شيطان؟ فهي لا تشابهها امرأة وأي امرأة تتدثر بدخان التبغ والأنفاس؟

سَتَلقاني كَذلِكَ في ،، ،،،،  دُخانِ التَّبْغ ِ والأَنْفَاسْ

وَفي طَعْمِ الهَوَاءِ وفي،، ،، دِمَاكَ  وَمَركَزِ الإِحسَاسْ

أَنا الجِنِّيَّةُ اليَقْظَى،، ،، ،، وَلِيْ في القَلبِ مِنكَ أَسَاسْ

وَلنْ تَنسَى مَذاقَ فَمِي،، ،، ،،  لأنِّي غَيرُ كُلِّ النَّاسْ

وهي تغريك بمنطق العشق اللذيذ ومنتهى عقل الهوى

هُوَ لا يُمَنْطِقُ أيَّ شَيءٍ …. ليْسَ يُعقلُ مَا حَــوَى

ولقدْ قَبِلْنــــا مَا أَرَادَ  .. .. وَمَا أَطَـاحَ، وَمَا نَوَى

( يُعْـطِيكَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ) …. تُمُورَهُ، ثمَّ النَّوَى

وذلك قبل أن تبكيك حواشيها. أما بكائياتها فهي حب مستحيل ونقائض

ذاك حظي يا صديقي ،،، مثل غربال مخرّمْ

كم وضعت ُ الماء فيه ،،،، ثم بعد الفعل أندمْ

ثم أسأل : يا شقائي …. هل أرى.؟ الله أعلمْ

لكنها تندب الشوق الغبي وتندم فتعض الأنامل. أليست إنسانة رغم كل شيء؟ وهي تعزف لحن الهوى ويخفق شوقاً قلبها في الربيع وتشكو علتها للنيل وتناجيه وتبثه شجونها. وقد أخبرتك منذ البدء أنها وردة تحدثك حديث الورود

أنا وَردَة ٌ كَالمَوجِ جَاءَ حَنينُهُ….. وَالشَّـوقُ مُتَّكِئٌ عَلى آهَاتِي

لكنها سرعان ما تنقلب فتحدثك حديث البراكين

سَـتقُولُ (قاهرةُ المُعـزِّ) كأنَّما  …… كَانَتْ هُنا أُنثَى بِبَعضِ رُفَاتي

لَمْ يَهدَأِ البُركَانُ فِيها لَحْظَة ً …….. طَوبَى لَها هِي آخِرُ الوَردَاتِ

وهل قلت لك إنها امرأة مؤمنة تلجأ إلى ربها وتناجيه؟ وتناديه بجميع حروف الأبجدية؟

هُوَ اللهُ حَسبِي وَنِعمَ الوَكِيلْ …  …  أَنا لَيسَ لِيْ في حِماهُ بَديلْ

إَذا العَالمُ انفَضَّ حَوْلِي فمَنْ لِي.. سوَى اللهُ أَرجُو لِعُمرٍ جَميل.؟

إِذا صَفْعَةُ النَّاسِ جَاءَتْ، وَسَالتْ دُمُوعِي وَكَانتْ مِنَ المُستَحيلْ

أرَى رَحمَة اللهِ تَمْحُو دُمُوعِي…….. وَعَدل الإِلهِ كَما السَّلسَبيلْ

فَحَسبِي إِلَهي، وَحَسبِي هَوَاهُ …. وَحَسبِي رِضَايَ وَلَوْ بِالقَلِيلْ 

وَحَسبِي كُفِيتُ، وَحَسبِي حِمَاهُ ….  هُوَ اللهُ حَسبِي وَنِعمَ الوَكِيلْ

وأخيراً بالله عليك هل كنت تنتظر مني أن أختم هذا التقديم لتنطلق إلى الديوان؟ ياللحسرة إن بقيت تقرأ كل هذا فانشغلت بالأصداف عن الجوهرة.

شريفة السيد الشاعرة جوهرة مكنونة في تابوتها، ووردة نائمة في أكمامها لكنك كلما قرأت ديوانها انطلقت حية وانبعثت ماردة كالبركان

لَسْتُ الَّتي تَرتاحُ في تابُوتِها… أَنا جَمْرَةٌ تَشْتَاقُ للإِحْرَاقِ

بَلْ كُلَّما أخمِدْتُ قمتُ طليقةً … وأخذتُ مُشعِلَ رِقتِي بعناقِ

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :