ذاكرة الحادية عشرة مساء

ذاكرة الحادية عشرة مساء

  • عبدالله بيلا

ربما سيكون انتظاري بهذا المساءِ طويلاً

في انتظار البرابرة القادمينَ

عُراة

مُضائينَ بالقارِ

ملتمعينَ كوخزةِ نجمٍ ضئيلٍ

على وجنةِ الليلْ.

هابطينَ بألواحِ أسلافنا

والوصايا القديمةِ

والمعجزاتِ التي انسربت من ثقوبِ السماءْ

خارجينَ

من الكلماتِ/اللغاتِ التي اختنقتْ

في فم التكنولوجيا

خالعينَ ثيابَ الحداثةِ

حتى يشف القوامُ البدائيُ عن نسغهِ والدماءْ.

يتعرى سؤال البديهةِ في الأعين الحائرة

كيف تكتم هذي المسافةُ صرخاتِها

وهي تمعن في محو هذا التشابه ما بيننا

منذ أن هزت الأرضَ

أولُ رقصاتِ أسلافنا

ومضى النغم البربريُ

بطيئاً

بطيئاً

إلى آخر العائلة.

كيف عدتُ إلى كهف جدي القديمِ

اختلستُ الصباحَ المعلقَ في كوةٍ خائفة

العُريَّ الجريءَ البريءَ

الكلامَ الذي يتهجى الطريقَ إلى أيّ معنى

صلاةَ الطبولِ التي

هيَّجتها الطلولُ البعيدةُ

في الأعينِ النازفة

كيف جزتُ الطريقَ التي أعتمت داخلي

دون أن أتعثر بالزمن الفخِّ

ينصب أشباحَه في امتداد المسافة

ما بين ظلي القديمِ المضاعِ

وهذا الهلام الجديد الذي يشبه الآنَ

ما كان ظلّي

سأصغي…

لهذا السرابِ البعيدِ القريبِ

وألمحُ أجنحةً للشواهدِ تخفق حولي

بأرواحِ أسلافنا المتعَبينَ من الانتظارِ

المُملِ الطويلِ…

يشقون هذا السكونَ

بما عتّقته جرارُ الزمانِ المؤبد

 من أغنياتْ.

متعَباً سيمرُ الزمانُ بنا

مثلما يتعب الواقفونَ على شرفةِ الوقتِ

نحصي ويحصي الزمانُ العليلُ انكساراتنا.

مرّ هذا المساءُ سريعاً

كما تعبرُ الآنَ هذي القصيدةُ

نحو انطفاءاتها المطلقةْ

دون أن تتلفّت يوماً

إلى العابرينَ على جرحها.

كلما سال هذا الزمانُ

تنبهتُ للجرحِ

في سرمدِ الماراثونِ المكررِ

في الساعةِ الحائطيةِ.

يأكل أبناءَه الزمنُ المتولدُ من نفسهِ

ثم يمضي كآلهةٍ..

لا تشيخ خطاهُ ولا يعتريه الزهايمرُ.

هذي بقيةُ آثار أسلافنا

والخطى البربريةِ

مذ صقلتنا الحجارةُ

وانتهبت هذه النارُ  أحداقَنا

فرأينا سلالاتِنا

وهي تركض في حمأِ الطينِ والدمِ

حتى يميل عمودُ الزمانِ

ويجثو على ركبةٍ واهنة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :