شاعر يعانق حرارة الكلمة

شاعر يعانق حرارة الكلمة

  • ميلاد منصور الحصادي

في الذكرى التاسعة عشرة لرحيل الشاعر عبد الباسط الدلال عصيُ على الموت الذى يبني فوق قبره هرما من الشعر {الشاعر سالم العوكلي}

(1 )

ولد الشاعر عبد الباسط سليمان الدلال بمدينة درنة في 11/11/1935 وبدأ تعليمه في مدارسها غير أنه ترك المدرسة سنة 1957 ليعين مدرسا للغة العربية فى درنة سنة 1960 م ، ورغم انقطاعه عن الدراسة إلا أنه سعى إلى تثقيف نفسه من خلال مكتبة والده أو الاستعارة من المكتبة العامة بدرنة ، انتقل للعمل بوزارة الإعلام والثقافة عام 1967 ثم إلى الشركة العامة للورق والطباعة ، بدأ رحلته الشعرية منذ عام 1950 ونشر قصائده فى الصحف والمجلات المحلية والعربية // أصدر ديوانه (تقاسيم على وتر الغربة )عام 1984 ثم ديوانه (فسيفساء أندلسية) كما قدم من خلال الإذاعة برنامجه (روضة الشعر )، كما أسس رفقة فنانين من درنة فرقة (أنصار المسرح ) وقدم من خلالها مجموعة من المسرحيات ، انتقل إلى جوار ربه فى 5/12/2000 م بعد معاناة مع المرض (اعتمدت في هذه النبذة المختصرة على كتيب صدر في ذكرى رحيله من إعداد الشاعر علي الخرم.

(2 )

ميلاد الشاعر يبدأ حين يعانق لحظة الحقيقة ، يبدأ حين ينحاز بكل كلماته للحظة الصدق وهموم المقهورين وأحلامهم ، حين يرفض أن تكون القصيدة إعلانا عن عطر جميل أو استعراض لكل مفاتن اللغة …يرفض أن تكون القصيدة إطارا لصورة ليس فيها سوى الألوان البراقة ،روعة الشاعر تكمن في معانقته نبض الدم الدافق في العروق ….حين تعانق الكلمة حلم الأمة …تجتاح الحدود ..تتوجه نحو الشمس …تغزو البرك الآسنة …تعانق الحلم الجميل . عبد الباسط الدلال شاعر يرفض بذخ الكلمات ، يشهر قصيدته في وجه الخوف ، يجعلها بداية المواجهة ….

فيقول وماذا سأكتب ..

ما عاد للطيب نفح..

ولا الغصن رطب

ولا دار أندلس موئل للخلافة

وكل الديارات دارات حرب

وكل سيوفكمو من خشب

وأنتم موالي ..

وذميكم سيد للعرب.

فالدلال لا يجعل القصيدة بداية المواجهة فقط بل بداية لانطلاق نحو أفق أوسع وأروع ..فيسترجع رموز البطولة في تاريخنا ، ويعلن أن الحلم لايتحقق إلا حين نقتحم عمق المعركة

انطلق “ذي قار” أطلال و”حطين

” حطام وبجالوت المحاق

وسماء العرب ظلمة

وحدها نجمة داوود تضيء

انطلق ..واقرع طبول البعث

في الأرض الموات

انطلق ” عقبة “في شوق “

المثنى ” في انتظار ” خالد “

يومئ بالراية ،

خيل الله والنقع المثار

إن شاعرنا مسكون بحلم الانبعاث الذي يعيد للأمة وجهها المشرق ..ويمزق الغيوم ..ويعبر المسافات …ويعيد الألق يتشكل في ذاكرة العمر فرحا…وهجا لا ينطفئ …إنه شاعر يرفض في أحلك الظروف أن يستسلم ..يعانق طائرا مسافرا في المدى ، وطفلا يمطر خوفنا بالحجارة ..يحطم بيوتنا ليفضح أمام الشمس كل مخازينا طيور أبابيل وأبرهة من ذرى القدس ينظر في فزع والعصافير تملأ جو الجليل حجارة من سجيل ملء مناقيرها وتمتمة من شفاه ملوك الطوائف وسط دخان (النراجيل)

للقدس رب ..وللعرب رب

وتبقى لنا باذخات القصور ..

.وغلماننا والجواري

عبد الباسط الدلال شاعر من مدينتي ..عشق نبض الحرف ..سافر في عمق الكلمة فأعلن أن الموت حياة وأن بعض الهدم بناء رحم الله الشاعر عبد الباسط الدلال الذي نقش اسمه في مسيرة الشعر الليبي رغم قلة إنتاجه فقد كان شاعرا مقلا إلا أنه ترك مجموعة من المخطوطات منها ..(ملامح من ايراسا..كتاب في تاريخ درنة // الجنون الإلهي دراسة في الحب في شتى صوره إلى قمته في الصوفية// إبراهيم الأسطى عمر في مرآة الشعر الليبي ..دراسة في حياة إبراهيم الأسطى عمر وشعره // شعراء ومواقف //مسافر على الورق //على هامش كتاب الحيوان للجاحظ //شخصيات عالمية.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :