فِي الْـبَـدْءِ كَـانَـتْ بُـولَـنْـدَا

فِي الْـبَـدْءِ كَـانَـتْ بُـولَـنْـدَا

كتب :: سالم أبوظهير

مقتنع أنا بأن الانتفاضات التي اندلعت في المنظقة العربية مطلع 2011م ، كان مخطط لها ، أو (على أقل تقدير) تم استغلالها لتصب مخرجاتها في مصلحة جهات خارجية ، لاتتفق مصالحها مع مصالح الشعوب التي ثارت على حكامها ، ونجحت بدعم هذه الجهات في أن تنزع الحكم من بعض الحكام العرب انتزاعا ،فتطرد زين العابدين ،وتحاكم حسني مبارك ،وتقتل على صالح ومعمر القذافي، وتقلق وترعب وتخيف وتؤرق مضاجع بعض من لايزال يجلس على كرسي الحكم ،ملوكا ورؤساء ،وسلاطين وأمراء، صار همهم التشبث بكراسيهم ،وإجهاض إعصار أي انتفاضات في مهدها بقوة المال والسياسة والسلاح حتى لايصيبهم شرها . (ثوراث الربيع العربي)، كما سموها سبقها ربيع وارسو في عام 1956م ، حين ثار عمال المصانع في بولندا ضد السوفييت ، وأضربوا عن العمل، احتجاجاً منهم على موسكو التي منعت عاملاً بولندياً معادياً لسياسات ستالين اسمه فلاديسلاف غومولكا ، من أن يتقلد منصب أمين عام الحزب الشيوعي البولندي،لكن موسكو فشلت في ذلك ،واستجابت لمطالب رفاق غومولكا الذي تحول لبطل شعبي في بولندا ورمزاً للحرية. من نتائج ربيع وارسو 1956م ، التخلص من سطوة وعنجهية الكرملين، واستعادة كثيراً من المزارعين في بولندا لمزارعهم المغتصبة من الحزب الشيوعي ، حدث هذا بدون إراقة نقطة دم واحدة ،وأزهرت بولندا بربيعها ، وتغنت به ،واحتفلت بإنجازاته ، وحقق زعماء الكرملين للعمال البسطاء مطالبهم دون استخدام السلاح ،إلا سلاح الإضراب العام الشامل في ربيع بولندي مختلف فتك بالروس وأجبرهم على الجلوس للتفاوض مع العمال البولنديين وليقر بحقهم في تقرير المصير. وقبل أن ينصرم عقد ثمانينات القرن المنصرم هبت نسائم الربيع البولندي مرة أخرى، نسائم لم تُـرَق فيها الدماء ،لكنها مسالمة وديعة تتخذ من إضراب قاده عامل كهرباء بسيط في مصنع للسفن اسمه ( ليخ فاوينسا ) ، دق مسمارا غليظا في نعش الشيوعية، خلص بولندا من التبعية للكرملين والشيوعية والاتحاد السوفيتي، فأوينسا حصل على جائزة نوبل عام 1983م، وفاز برئاسة بلاده عام1990م، وجنت بولندا ثمار ربيعها . فمتى تتعلم دول الربيع العربي من ربيع بولندا؟ الذي تسامح مع الشيوعيين أنصار النظام السابق، واستفاد من خبراتهم، ومكنهم من الانخراط والمشاركة في بناء بولندا ، و لم يسامح من تورطوا في سفك دم بولندي آخر مستنداً على أفكار الشيوعية التي انتهت ،فضمن لهم محاكمات عادلة، رافق هذه المحاكمات إعلام شريف نزيه ،همه بولندا فقط،وضح للبولنديين بشكل احترافي منظم وشفاف ونزيه لماذا تتم محاكمة من أجرموا في حق بولندا وشعبها… ؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :