قصيدة: مقامُ الغياب!!

قصيدة: مقامُ الغياب!!

د.علاوة كوسة

-ابتهالات في مقام عروس البحر ( درنة)..!! /

عصافيرُ أيلولَ قد فارق الدفءُأعشاشَها…!!

والمواوويلُ متعبةٌ كالخريف

الذي أضرم الحزنَ فينا فأمست بساتينُنا

ملجأ للبكاءْ !!!

يضيق بك الكونُ حين شكوت السماءَ اتساع السماءْ !!

فتّحتْ كلَّ أبوابها الحاتميّةِ

إذْ فرّقتنا كأبناء يعقوبَ

تجرفنا ألفَ عامٍ إلى شرفات الفجيعة قهرا..

فلله درُّ السماءِ التي أغرقتنا..

وجاست خلالَ الديارِ

بأرضِ الصحابة والأنبياءْ !!

                  ***

أتذكر ذاك المساءْ ؟!!

يحاصرنا الموجُ من كل شقٍّ نلوذ بهِ

والقلوبُ التي في الحناجرِ

صداحةٌ بالدعاءْ !!

والسفينةُ من دوننا حملتْ فجرَنا في حقائبنا

ثم تتركنا يا إلهي حيارى..

فمن يعصم الهالكين وقد فغر البحر فاه

و “جوديُّنا” غارقٌ

لا يلبي النداءْ !!

                    ***

كان لي في جواركَ يا بحرُ

أحلى المدائنِ

أغلى المدائنِ

يدعونها( درنةَ النور)

لكنني كنت سميتُها

مهبطَ الصالحين !!

يحرس البحرُ أسوارَها تارةً

ثم تحرسه تارةً

ثم ترسل فيه الجواريَ

أمّارةً بالمحبة والسلم

للعالمين !!

كان لي في جوار الصحابةِ

بيتٌ وجارٌ أمين ٌ

وحلمٌ أراوده كلً حين !!

كان لي صببةٌ يزرعون الشوارعَ حبّا

يبثّون فينا الأغاني الجميلةَ

لما تشيخ الأغاني القديمةُ

ياللطفولة في درنةَ

الفلِ والياسمين!!

كان لي في المدينةِ

ديوانُ عشقٍ

ومبتدأ الحبِّ  يسري

وواحاتُ شوقٍ بباب الخبر !!

و سحرُ الرواياتِ

وهجُ القوافي..

فأين التسابيحُ

أين النوارسُ

أين النخيلُ

وعيناك دأبُ المحبين وقتَ السحر!!

كان لي في المدينةِ

صوتُك فيروزَ  يحكي الأمانيَّ جذلى..

وخمسون عاما -مديحا- لكل جميلات درنةَ

أغنيةٌ للصبايا :

( على

 هذه

 الأرض

 ما

يستحق

 الحياةَ)

وأنشودةٌ للمطر !!!

                        ***

أخافُ المطر!!

     أخاف المطر !!

             أخاف المطر!!

                  ***

ناقةُ اللهِ تطوي الشوارعَ

تبحث فينا وما بيننا

عن بيوت الحنينِ

أغاني الطفولةِ

سَمتِ الصوامع ِ

ثمّ تسرّ بأمر الفصولِ لخلانها..

تذرف التبرَ شوقا إلى مدن الملحِ

ثم تبلل خطْواتِها من نزيف الحجر ..!!

أخاف المطر!!

أخاف المدينةَ

من دون أهلي

وقد زفهم في توابيتهم  للعدمْ !!

أخاف المساءَ الذي سرق البسمةَ البكرَ من شفتيّ

وأودع في الروح هذا الألمْ !!

أخاف الشواطئَ تغري /تراود/تبتلع الأرضَ والأهلَ والنسلَ

تقذفهم في مكانٍ سحيقٍ

مسيرةَ ألفِ خريفٍ بعيدين عنا..

وتتركنا في مهبّ العذاب !!

                 ***

أخاف الغياب!!

     أخاف الغياب

          أخاف. الغياب!!

                    ***

على كلّ باب بهذي المدينةِ

عينٌ تمني الفؤادَ بعودة من يسكنون التراب..!!

ولي ألفُ بيتٍ بدرنةَ

لكنني دون باب…!!

أخاف الغياب!!

على كل باب تنوحُ المجاري

تجرّ إلى البحر واللانهايات

أحلامَنا في بياض يلفّ البياض..

وأكفاننا لم تعدْ تستر الحزنَ فيما تبقى على شرفات الأسى من ثياب!!

اخاف الغياب!!!

                      ***

أخاف الذي بلّل الزهرَ

أخرج من هذه الأرضِ  جناتِها للأنام..!!

أخافك يا ماءُ

من صلب تلك السدودِ

تكشٍر عن ساعديك

لتجتث من أرضنا

راسياتِ الخيام!!

أخاف السماءَ ووحيَ السماء

اخاف الأعاصيرَ تترى..!!!!!

أخاف الهبوبَ وطيشَ المساءِ

أخاف ثقالَ السحابْ !!!

أخاف الغياب!!!

                    ****

إلهي..

إلهي  

أتأذن لي رسم ما لم تقله الشفاه؟؟

لأرسم وجهَ المدينةِ

في كلّ شبرٍ من القلب

ريحانةً للأمل..

كي أعيدَ إلى كل بيت فوانيسَه الساهراتْ..

ثم أزرع في كلّ دربٍ بساتينَ حبّ

أعيد بريقَ الأمان لتلك المقل..

وأغني لدرنةَ أنشودةَ الخلد

ترقص من غبطةٍ

ثم تعلنها وردةً في جبين المدائنِ

 حتى تقوم قيامتُنا

فلدرنةَ عرشُ الخليقة منذ الأزل..

سننبعث الآن من دمعنا ودمانا  ونعرج نحو الجنانِ التي قد وُعِدنا

ونتلو النشيد..!!

ويكون لنا ما أردنا وما سنريد!!

وتقول الجنانُ أيا أهل درنةَ هبوا إلي..

وهل من مزيد!!

ونعانق أحلامَنا الزاهياتِ

ونبني بروجا من الحبّ ما بيننا

ثم نبدأ عهدا جديد…!!

عصافيرَ أيلولَ عودي

لنبني أعشاشَنا في المغيبْ ..

وعودي..

فقد عاد بعدَ المغيبِ الحبيبْ..

فصبحُك يا درةً في المدائن ِ

– مهما يطول بنا الليل والحزنُ-

آتٍ قريب….

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :