كتب / سالم الهمالي
بالنسبة للكثيرين وانا احدهم كانت المواقف المتعجلة التي صدرت ممن يتأمل الناس فيهم الصدق والرشاد والتقوى مفاجأة كبرى، اذ انها كانت خاطئة تماما ومضللة للرأي العام الليبي، وفيها استهتار بارواح ودماء الليبيين وتعديا على حرمة تراب الوطن والدفاع عنها.
لم ياتي تدخل الجيش الليبي غزوا ولا عنوة على إرادة أهل الجنوب، بكل كان نتيجة واستجابة للمطالب المتعددة التي نادت بتدخل قوات ليبية تستعيد الأمن وتفصل بين الاطراف المتنازعة وتحارب المتطرفين وتطرد المرتزقة. خلال الأعوام الماضية شهد الجنوب معارك طاحنة، نتج عنها تدمير كبير لمدينة سبها، لم يسلم منه اي مرفق من مرافقها، حتى القلعة التاريخية الشامخة نالها نصيبها من الدمار، بالاضافة الى كل المعسكرات والمشاريع والمصانع، بل حتى الكليات الجامعية والمعاهد العليا والمدارس، وباختصار (كل شيء).
قتل الناس داخل المستشفى، واختطفوا امام الناس في الشوارع العامة، حتى اغلقت المصارف ابوابها وعاش الناس في مشقة وضنك. بؤر تنظيم الدولة تواجدت في هذا الفراغ الكبير ومنطقة حجارة تشهد بذلك. توقفت حركة الطيران المدني لأكثر من خمسة أعوام متواصلة بعد تدمير المطار.
في فضاء الجنوب انتشرت العصابات الاجرامية الليبية والتشادية والسودانية، حتى اصبحت الطريق العام مصدر الخوف والرعب. طريق سبها الجفرة سيطرت عليه داعش والمرتزقة الأجانب، وتطورت اعتداءاتهم حتى قاموا باقتحام بلدة (الفقها)، وخطفوا وذبحوا واحرقوا وهددوا بالشر المستطير بعد ان اخذوا معهم ١٠ رهائن، طالبين الافراج عن ارهابيين معروفين.
قامت فرنسا وأمريكا بالقصف المسلح اكثر من مرة في منطقة وادي الشاطئ وأوباري وغات لاهداف قالوا انها لمجموعات ارهابية. وفي الايام الاخيرة شاهدنا المئات يهربون من ليبيا امام تقدم قوات الجيش الليبي الى تشاد والنيجر ليجدوا امامهم القوات الفرنسية والتشادية التي قامت باستهدافهم ( معارضة تشادية) كانوا يسرحون ويمرحون في أرض الجنوب ويعتدون على أهله.
المئات من العائلات هجرت أرزاقها في الجنوب تحت تاثير الخوف والرعب الى مناطق اكثر امن، و (خلة فزان) بوادي الربيع بطرابلس خير شاهدا على ذلك!!
حتى محطة أوباري الاستراتيجية، التي كان من المنتظر ان يبدأ تشغيلها، تعرضت الى التعطيل بعد اختطاف مهندسي الشركة لتتعطل بذلك مصلحة كل الليبيين الذين يعانون من مشاكل انقطاع التيار الكهربائية وتذبذبه. سموم العقارب نالت من الأطفال، ورصاص المجرمين لم تسلم منه حتى الأجنة في بطون امهاتهم.
بلاء عظيم، لم يرى فيه هولاء المنتقدين ما يستحق العمل الجاد، للرفع من الضيم والظلم الصارخ الذي يتعرض اليه اخوتهم في الدين والوطن.
مرات ومرات راينا جلسات المجلس الرئاسي، ووعود وقرارات، أخراها تشكيل ثلاثة ألوية من (الريح)، للذهاب للجنوب الليبي ومساعدة أهله. في حين انه في الحقيقة عاجر حتى عن توفير الحماية لنفسه.
بل ان الادهى والامر، ان هولاء المنتقدين لم يحركوا ساكنا وهم يَرَوْن السيد نتنياهو يزور إنجامينا ويضع عينيه الى الحدود الجنوبية لليبيا؟!
ذكرتم في لقاءاتكم ان تدخل الجيش الليبي في الجنوب سياتي بالخراب والدمار، لكن الحقيقة على الارض وألسن الناس تشهد بعكس ذلك تماما، اذ استعادت سبها بريقها، واتفقت الناس بمختلف مشاربهم على دعم تواجد الجيش لما رأوه من انضباط وحكمة في معالجة الأمور. غابت الفيرنا السواء (نذير الشؤم)، ونزعت عن زجاج السيارات أدوات التعتيم، وأصبحت الحركة اكثر امنا. تدفقت المحروقات، واشترى الناس البنزين الذين يستخرج من تحت اقدامهم بخمسة عشر قرش بعد ان كانوا لسنوات يدفعون ثلاثة دنانير للتر الواحد.
أما المنكر الذي قمتم به فهو أدعائكم ان ما يقوم به الجيش هو حرب تطهير عرقية، وهذا كذب وافتراء وبهتان عظيم، فليس نحن من نؤمن بالله ربا ومحمد نبيا ورسولا والإسلام دينا من يسكت على ذلك ان كان فعلا ما يجري على الارض.
الجنوب ايها السادة فيه العربي والتارقي والتباوي وسيظل كذلك الى يوم يبعثون، اخوة متحابين وليس أعداء متقاتلين.
ادعوكم ان تتوبوا الى الله توبة نصوحا، وتعتذوا عن ما قمتم به من تضليل للراي العام، وتشاركوا اخوانكم في الجنوب بالنصيحة والمؤازرة الصادقة، التي تستعيد للوطن الليبي عزته وسؤدده …