محمود البوسيفي

محمود البوسيفي

شهقة الغريب

     بوسعك وانت ترتدي صباحك ان تبتكر معطفا وقبعة، وأن تقترح ضيفا على فنجان قهوة يقاسمك ذكريات دافئة.. بوسعك وانت تتلفع بالظهيرة ان تتوق للاستلقاء قليلا وان تسرج جياد المخيلة ترمح في سهوب لم يهاحرها المطر.. بوسعك وأنت تهرول صوب عطر المساءات ان تستريح لغيمة تغادر، وضؤ يسطع من بعيد، وترحل في لحن يقودك إلى خمارة يرتادها الغرباء.. بوسعك وانت تصنع احتفالا صغيرا لليل ان توقد شموعك قبل هطول الأصدقاء وأن تصف اسطوانات الموسيقا قرب الجهاز الأنيق، وأن تشيع عطرا يجعلك قريبا من النافذة. بوسعك وأنت تزخر بحقول اللؤلؤ ان تدرك دلالات الابتهال، وأن ترى طريق النهر، وأن تستكين..

     يا الله..

بوسعك وانت تعانق حاسة الشم، والغبش المقدس يغرق احداقك في تفاصيل الخيطين ان ترى ما انت عليه.. إن تراك رأي العين.

    بوسعك وانت تصلي ان تنام وتحلم بالمعارف.. إن ترى ما ليس يرى وان تجهش بالحنين.. يا الله..

    بوسعك وانت تغترف لذائذ الصهوات ان تتذكر رجفة الصبح، وأن ترعوي.

    بوسعك أيها البهي الأنيق ان تهتدي إلى عذوبة التواشيح قبل أن تعرف فضائل الصمت..

    يا الله.

    بوسعك أيها الأنا ان تستمتع بالآذان يعلن أن لا أحد في مجال الرؤيا سواه.. سبحانه..

سيكون بمقدورك وانت تبسط ذراعيك توسلا أن تفشي سرك طواعية، وأن تتعرى.. سيكون بوسعك دائما أن تتعرى.

     يا الله.. بوسعك ان تتهتك.. وان ترتجي سبيلا لا يقود إلى أين.. إن بوسعك أيها المفقود ان تموت او تحيا او كما تشاء.. بوسعك اللقاء والجفاء كما يليق بالعشب او فداحة التبصر..

    يا الله..

    بمقدورك وانت ترتب حقائبك ان تنظر للخلف وان تحزن قليلا.. وان تذرف دمعة او دمعتين، وأن تطلق السلام على العابرين..

      بمقدورك وانت تحزم ما تبقى من تصاوير وعناوين وتنهدات ان تتوقف قليلا.. قليلا.. وان تتسول فرقة صغيرة من كمنجات يطرحن السنابل ملاعب بلا أفق..

     بوسعك أيها المغدور ان ترى قاتلك وهو يرميك بسهمه، والقوس صفير وعواء، وأن ترى ما لا يرى…

لكأنك أنا.. يا الله.. يا أيها الحق.. ” تعب الطين ، تعب الطين”..

بوسعك وانت تستفيق أن ترى أن الحق.. حق.

وما انت عليه.. إن تعرف من انت.. وانك لابد أن تنهض.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :