مُـسْـتَـشْـفَـى سَـبْـهَـا وَغَـصّـةٌ لاَ تَـحِـيـدُ

مُـسْـتَـشْـفَـى سَـبْـهَـا وَغَـصّـةٌ لاَ تَـحِـيـدُ

كتب :: محمد مسعود

قبل عام ونصف من الآن تقريبا ، نشر دكتور جراح أعرفه إدراجاً يفيد أنه كان ذاهباً لإجراء عمليات جراحية لكنه تفاجأ بأن الماء كان مقطوعاً بالقسم ، فعلقت له مازحاً بالمرات القادمة أجلب معك “بانقة” 7 لتر وأنت قادم لعملك ، من باب أن لا احد سيسمعك . و لأني أحسبني أعرف الرجل ، وأجزم أنه ليس من النوع الهلوع أو اللحوح ، وهو إن نطق فيعني أن خلف الأكمة ما خلفها ، وأن الأمور وصلت حدها وما عادت تُحتمل . الغريب أن أحدهم نبهني لوجود عدد 2 آبار للمياه بالمستشفى ناهيك عن وجود مولد كهرباء ، وهذا يعني عمليا أن الماء يفترض أن لا ينقطع عن كل مرافق المستشفى على مدار الساعة ، فلا مبرر مطلقاً لحدوث ذلك . والحقيقة ما ينقص المستشفى ليس أقلها الماء وستجد ما تقوله فيه بلا حرج ، لكنه يبقى متكرما يقدم براحا للمرضى يئنون فيه بعيدا عن مسامع الأصحاء . نحن لا نقلل مطلقا مما يقوم به عناصره من أطباء وتمريض – أقول البعض- ويكفيهم بالحد الأدنى من الشجاعة أنهم يعملون تحت فوهة البنادق و تغوّل الفجار . أما عن المبنى فما كان مزدهراً وكان على عرشه أميراً قبل فبراير اللعينة ، وما رأيناه إلا وقد أغدق بالأبواب الحديدية لمنع الناس و أفرط في استحداث مجموعات النظام بكل أرجائه . وتبقى متلازمة كبش الفداء دائما لا تفارقنا ، فما أسهل أن نكيل اللعنات على مدير أي مؤسسة بليبيا ، والذي يفترض أن يكون دوره إشرافياً لا تتوقف الأمور مطلقاً حتى بغيابه . ولا عجب وللتذكير فقد تربع على عرش المستشفى منذ فبراير وما تلاها قرابة 5 مديرين عباقرة ومضوا لحال سبيلهم وبقى الثابت الوحيد هذا المبنى الثمانيني الشامخ . لكنه يبقى ولا يزال وفياً يحاول أن يجلب الفرح ، فهو يستضيف من حين لآخر أناسا بقمة الوطنية والنبل كالدكتور أقديح أبوالقاسم المغترب بكندا وآخرون ، يأتي من أواخر الدنيا متبرعاً مطبقا فاه ، ويعود منهكاً وبه ثقة أن ليبيا ستتعافى ، بينما غيره على مرمى حجر ويلتفت عنه بعيداً فيا للعار !. إن قرابة العشر هكتارات التي يحتلها ذلك المرفق ، وقرابة ألألفيْ موظف ويزيد ، وما يصرف من أموال تسييرية على قلتها كافيه لتشغيل قرية صناعية وخدمية فاعلة بدولة مستقرة وليس مرفقا صحيا وظيفته تسفير الناس للمقابر بالغالب . كان ولا يزال هدر الأمكنة وتسييجها من أولى أولوياتنا للأسف ، ولو قارنا أكبر مصحة بجنوب تونس لوجدناها بحجم عمارة متواضعة من ثلاثة أدوار يتعافى فيها الناس ويخرجون أصحاء وحتى قد يبرمون صفقات زواج مع إحدى ممرضاتها ، بينما يخرج مرضانا بمستشفى سبها لمقبرة الجديد غالباً . لست أعرف من الذي أسس بذهنية الليبي أن المرتب ما هو إلا إعانة مادية مقابل ليبيته المبجلة فقط – والتي صار يدنسها ويفعل فيها هتكا الأوباش وشراذم تشاد المسعورة – على خلاف القاعدة الاقتصادية المتعارف عليها ( وهي إن الأجر مقابل الجهد المبذول ) ، تلك هي علتنا التي تحدث اللبس و الإرباك .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :