- أ :: شكري السنكي
توفّي المُناضل بشير المبروك سويسي، ابن الوطن البّار، والشخصيّة الدرناويّة الجميلة، وأحد وجوه المُعارضة الِلّيبيّة فِي زمن الدّكتاتور معمّر القذّافي، يوم الإثنين الموافق 4 يناير 2021م، بمدينة أتلانتا فِي ولايّة جورجيا، جنوبي الولايّات المتَّحدة، بعْد صراع مع مرض سرطان الدّمّ، اللوكيميا «Leukemia»، استمر لعدة سنوات، وقد اشتد المرض عليه فِي الشهور الثلاثة الأخيرة قبل وفاته. ورحل سويسي بعْد مسيرة حيَاة حافلة بِالمواقفِ الوطنيّةِ والنَّضالِ مِن أجل ليبَيا ومعركة أبنائها مع حكم الاستبداد، تاركاً أثراً لا يمحى مِن تاريخ نضال شعبنا الأبيّ الأصيل بما حباه الله مِن صفات نبيلة وخصال حميدة. ولـــد فِي 11 فبراير 1942م في مدينة درنـة، وترعرع بها ودرس بمدارسها الابتدائيّة والإعداديّة والثانويّة، ثم درس المرحلة الجامعيّة في مدينة بّنْغازي، وحصل على درجة الليسانس فِي الحُقُوق سنة 1969م، وكان مِن خريجي الدفعة الرَّابعة، ومِن بين زملائه فِي الدفعة، المُناضل عبدالسّلام رمضان غنيم، رفيقه في الدّراسة والعمل والنَّضال والهجرة، وقبل ذلك صديق طفولته وصِّباه وشبابه.
بعد تخرّجه فِي الجامعة، عُيِّن فِي النيابة العامّة، واستمر فِي وظيفته عدة سنوات، قبل أن يفتح مكتباً خاصّاً بمدينة بّنْغازي فِي مجال العقود «محرر عقود». وفِي أواخر السبعينات، خرج مهاجراً مِن بلاده، رافضاً القذّافي ونظام حكمه، واستقر به المقام بمدينة الإسكندريّة، مقر سكن أهل زوجته ورفيقة عمره، وكان مِن أوائل الّذِين انضموا إِلى «الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا» الّتي أٌعلن عَن تأسيسها فِي المهجر فِي 7 أكتوبر 1981م. تولّى رئاسة مكتب «الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا» بجمهوريّة مصْر العربيّة، عدداً من السنوات فِي عقد الثمانينات، وكان رؤساء مكاتب الجبهة فِي الدول المختلفة، يعتبرون أتوماتيكياً، أعضاءً فِي اللّجنة التنفيذيّة. وتمَّ اختياره فِي فترة مِن الفترات عضواً بـ«المكتب الدائم»، كمَا شارك فِي عضوية «اللّجنة القانونيّة» بصفته رجل قانون، لأجل القيام بمهمّة إعداد صحيفة اتهام ضدَّ معمّر القذّافي وحصر الجرائم الّتي ارتكبها بحق ليبَيا وطناً وشعباً، استعداداً لمحاكمته. واستقر به المقام فِي نهاية الثمانينات، هُو وزوجته وابناه «أكرم وأيمن»، فِي الولايّات المتَّحدة الأمريكيّة، بعد تطبيع نظام القذّافي لعلاقاته مع الدولة المصريّة عقب قطيعة استمرت بين البلدين لأكثر مِن عشر سنوات. هذا، وكان سويسي قد شارك فِي معظم أعمال ومناشط العمل الوطنيّ بالخارج مُنذ مطلع الثمانينات وحتَّى ساعة اندلاع ثورة السّابع عشر مِن فبراير، فِي العَام 2011م. وقد شارك في المجالس الوطنيّة لجبهة الإنقاذ التي عقدت بالمغرب سنة 1981م، وبغداد سنة 1985م، ومدينة دالاس بولاية تكساس في الولايّات المتَّحدة الأمريكيّة سنة 1992م. وحينما اندلعت ثورة 17 فبراير كان واحداً مِن أبرز رجال المنفى الّذِين وقفوا مع الثورة منذ ساعة اندلاعها الأولى ودعموها بجميع الوسائل والإمكانيات لأجل إنجاحها والتخلص من نظام القذّافي الّذِي حكم البلاد أربعة عقود من الزمان.
رحل بشير سويسي بعْد رحلة نضال طويلة وعمل مضنٍ لتهيئة مناخ الثورة أو انتفاضة الشعب، وبعد مرور سنوات مِن ثورة السّابع عشر مِن فبراير، الثورة الّتي مازالت تعيش الأزمة رغم إسقاط الدّكتاتور، ولم تحقق أهدافها بعد، والّتي زرع بذورها سويسي وأجيال مِن المُناضلين والأحرار وفجّرها شباب متحمس طموح، ومتطلع إِلى الحريّة والنهضة والغد الأفضل. رحل سويسي، وليبَيا مازالت تعيش أزمةً طاحنةً، ومخاضاً عسيراً، وتكابد مِن أجل القضاء على ثقافة الاستبداد، ومخلفات التخلف والإقصاء والتهميش، وإرث طويل مِن هدر للثروات وفساد للمتنفذين ونظام قائم على القمع والمحاباة والولاءات. رحل، وترك الوطن أمانة فِي أعناقنا جميعاً، الوطن الّذِي من الواجب علينا إخراجه مِن أزمته، ونحقق له ما ثرنا مِن أجله، ونصونه مِن كلِّ عابث أو انقلابي بل نفديه بالمهج والأرواح. رحمك الله يا بشير، ورحم كل مَنْ وقف مِن أجل الوطن ولصالح قضيته.. وسَخَّر المولى عز وجل لنا السُّبل والوسائل، لتحقيق مَا ناضلت طويلاً مِن أجله، ومَا ثرنا مِن أجله يوم السّابع عشر مِن فبراير. رحمــــــك الله…..بقلـم: شكري السنكي الإثنين الموافق 4 يناير 2021م · صورة (1): صورة الرَّاحل بشير المبروك سويسي.· صورة (2): صورة تجمع بين الزميلين الرّفيقين عبدالسّلام رمضان غنيم وبشير المبروك سويسي.· الصورة (3): صورة تضم جلوساً، ومِن اليمين، السّادة: سَالم عبدالرحمن السعيطي, خميس سَعْد الكيلاني – رحمه الله, محَمّد سَعْد امعزب, سُليْمان امنينه, سَعْد عبدالله الأثرم – رحمه، محمود الفيتوري. ووقوفاً، السّادة: تميم عصمان, صَالح خالد بِن حميد، بشير سويسي. الصورة فِي مدينة دالاس بولايّة تكساس «Dallas , Texas» فِي أبريل 1992م أثناء انعقاد المجلس الوطنيّ للجبهة الوطنيّة لإنقاذ ليبَيا.