بقلم :: عثمان البوسيفي
بعض الأحداث تعيد زيارتنا بين الحين والآخر لأنها بكل بساطة فيها الكثير والكثير جدا من الحكمة التي تظل عالقة في الذاكرة ونستظل بها كلما دعت الحاجة إليها، منذ سنوات خلت أبتاع أحد الأبناء سيارة قديمة لأبيه من ماركة عريقة تسمى مرسيدس وهي فخر الصناعة الألمانية ولست هنا في مصاف رسم حسنها البهي أو الدعاية لها وهي لا تحتاج إلى حرفي المتواضع ، الابن استغل حصول والده على سيارة جديدة منحتها له الدولة حين ذاك بثمن زهيد والابن بكل دهاء طلب أن يدفع ثمنها القليل الذي باعته بها الدولة وفي مقابل ذلك سوف يشتري لوالده سيارة قديمة وتنتمي إلى فئة عريقة مقابل أن يتخلى الأب عن السيارة الجديدة ، أتت السيارة وسط ترحيب مالكها الجديد وهو فرح بها ومنتشي بالتواجد فيها لكنها كانت في حال لا يسمح لها بتقديم قيادة تليق بالرجل العجوز وتمنحه ما كان يحلم به ، أكثر الأوقات كانت السيارة متوقفة بسبب الأعطال التي اجتاحتها وكلما قادني الحديث الممتع مع صاحبها يكون لها نصيب من الحديث وعن احتياجها الدائم للتصليح على اعتبار عمرها كبير وتحتاج إلى عناية مستمرة وكيف أن الاستبدال كان مجحف في حقه وتظل تلك العبارة راسخة في عمق ذاكرتي حين سألته ذات نهار عنها وأجابني لم يبق منها شيء كانت مرسيدس ذهب نصفها أو أكثر أي ذهب سيدس وبقى مر أعاني فيه ، ما دفعني إلى استحضار هذا الموقف القديم من ذاكرة متعبة هو علاقاتنا الإنسانية التي يفترض أن تكون بعيدة عن المرارة وتبحر في العمق الإنساني لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كما يقولون ، بعض العبارات التي سمعتها من البعض رغم مراراتها أحاول أن أفر منها في محاولة مني للحفاظ على علاقة جميلة تضعني في الإطار الإنساني الجميل في ظل أزمة تعبر بالمكان تترك رصاص البندقية ومرارة الكلمة القاسية في حلق يشتهي العسل ، في مرات كثيرة كان الاشتهاء أن أكتب شيئاً آخر وأجد نفسي في براثن موضوع لم يكن في البال أو الخاطر .