- إبراهيم فرج
مدينتي سبها … صُوَر المدنية والمدينة فيها أصبحت تضمحل وتختفي وكأنها قد نصبت لها الشِراك فما تكاد تخرج من شرك حتى تقع في الآخر حتى اُجهدت فلم تستطع تقوى على الوقوف ، فما تبقى لها من اسم مدينة إلا ما يصاغ على الأوراق كإشارة إليها ، حيث أصبح واقعها هو الظلام والإجرام والعبث والمجون و الاستغلال بأبشع صوره ، والحرابة والقتل والتعدي والتدمير الممنهج لكل ماهو قائم بها ، والابتزاز والقهر ، ومهما تُعدد من أبشع ما يجول في مخيلة البشر ستجده واقعاً ملموساً في مدينتي ، فمن الانفلات الأمني بالشارع من قتل وحرابة واغتيال ممنهج، إلى تدمير البنى التحتية كخطوط الصرف الصحي وأبراج الكهرباء وصولا إلى التعدي وتخريب المنابر العلمية والإعلامية للمدينة إلى مهاجمة الأطقم الطبية بالمستشفى إلى اغتيال الإعلاميين وتهديدهم ، وأخيراً مهاجمة وقتل أفراد الأمن ومحاولة إفشال أي بارقة أمل تنطوي على فرض الأمن أو إعادة الأمور إلى نصابها … فهل ياترى إن ما يحدث هو تفاقم طبيعي لمستوى الجريمة؟
أم أنه فعل ممنهج ترتفع وتيرته وفق إعداد مسبق للوصول إلى المدينة الفاشلة؟ كنا فيما سبق نوهنا وتحدثنا عن ذلك ولا أعتقد أن ذلك خَافٍ عن أحد ، فلماذا يحل ذلك بمدينتي ؟في اعتقادي أن الأمر قد تجاوز ما كنا نصفه بالسلبية المقيته التي يتصف بها مواطنو مدينتي لنصل إلى تفكير أعمق وهو أن ما يحدث تجاوز حد الإجرام الطبيعي إلى ما يمكن وصفه بالإجرام الممنهج ، فعندما تكون مدينة يكثر فيها النفعيون والاستغلاليون والذين لا ترْبُو تجارتهم ومنافعهم إلا بوجود الفوضى فأعتقد أنهم لن يتركوا وسيلة يمكنهم استخدامها لاستمرار الفوضى إلا واستخدموها، خاصة في مناخ مدينة تعج بالوافدين عبر الحدود المنتهكة ، والفراغ المصطنع الذي برز من خلال توقف المشاريع التنموية لأسباب منها أمنية وأخرى لوجستية كانقطاع الكهرباء المستمر وما ينتج عن ذلك ، وبذلك وجب التنبيه إلى ضرورة أن يستفيق سكان هذه المدينة والذوذ عنها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مدينة أراها سائرة إلى الاضمحلال واختفاء ملامح المدنية والمدينة بها . هذا الدور المطلوب لا يتأتى بالأمنيات والدعاء ولا بالصراخ والعويل ولا بالاستجداء وطلب المعونات ، بل بإرادة حقيقية مجتمعية تفرض نفسها على واقع مدينتنا أولاً ثم المطالبة وأخذ الحقوق ، غير ذلك فلا علينا إلا الانتظار بما يجلبه لنا الاختباء وراء جلباب الطيبة والسلبية … وأخيراً أنقذوا سبها قبل أن تضمحل وتختفي … حفظ الله وطني مدينتي.