بقلم :: محمد عثمونة
يجب ألا يغيب عنكم , بأننا لا نتعامل مع المعّضلة الليبية . كحالة ليبية منفردة , ترّبك حياتكم وتؤزّمها و فقط بل كمعّضلة تؤسس لبؤرة توثر فى منطقة حيويّة إن تمكنت وتجذّرت فى جغرافيتها , سيكون لها مردود جدا سلبيّ وخطير ليس على جغرافيا بلادكم وحسب بل على جغرافيا المتوسط والسلم العالمي . ومن هنا وحرصا على وأْد الخطر فى مهده . دعونا جميعا نتفهّم بأن التعاطي مع هذا الواقع لا يتم في تقديرنا من خلال نظرة سطحية للمعّضلة . كأن نعتمد مفردات الأمر الواقع , التي تتصدر المشهد الحالي وترّبكه , كأساس للمعّضلة ثم نجتهد ونسعى نحو خلق توازنات وتوافقات فيما بينها , وسينتهي بنا الأمر جميعا . وعن سوء في التقدير منا إلى إعادة إنتاج الماضي . وهذا ما لا يريده أحد منا لأنه وببساطة القول . قد يحدث هذا . نتيجة لقراءة قاصرة للمعّضلة , حين نذهب نحو التعامل مع أعراض المعّضلة , كمعّضلة وليس كعارض من أعراضها . بل يجب ولكي يكون التعاطي مع حالتكم هذه , ذو مردود إيجابي على جغرافيتكم , والجغرافيات المحيطة وعلى حوض المتوسط . أن نلج إليها عبر قراءة موضوعية شاملة للواقع الليبي فى مجمله . من خلال ثوابته الجغرافية . الديمغرافية . الثقافية . فمثلا . إن واحدة من معطيات هذه القراءة تقول بأن الجغرافيا الليبية جزء من فسيفساء جغرافيا غرب المتوسط . ومن هنا لا نستطيع أن نتعامل مع ليبيا , إلا كمفردة من مفردات جغرافيا غرب المتوسط . ومفردة أساسية فى تَشكّل الفضاء المغاربي المتوسطي , لأن الثابت الديمغرافي الثقافي يشدّها وبقوة إلى ذلك . ونحن كهيئة أممية لا نستطيع تخطي هذه الحقائق , ولا يجوز لنا القفز فوق هذا الواقع الموضوعي . الذي يعتبر الأساس الجيد لكل بناء دائم ومتين . وفضلا عن ذلك . فتجاهل هذا الواقع الموضوعي أو الغفّلة عنه سيذهب بنا في تعاطينا مع المعّضل الليبي إلى مكان آخر وإلى نتيجة أخرى لا تتوافق مع بغّيتنا وما نصبو إليه. وأيضا وكهيئة أممية ففي القفز فوق هذا الواقع الموضوعي . تجاوزٌ لحيادنا المطلوب حضوره أثناء تعاطينا مع قضايا الدول والعالم , وفيه أيضا نسف لخط مسارنا المبدئي المعروف . الذي من ركائزه زيادة رقعة السلم على مساحة جغرافيا العالم . ولا ينهض سلم جيد واستقرار دائم . يتجاهل الواقع الموضوعي . الذي من مفرداته , يتشكل الأساس الصلب للبنيان الذي ننشده جميعا . فنحن كهيئة أممية , ولكي نكون منسجمين مع مبدئنا . لا نستطيع التعامل مع المعضلة الليبية . إلا من خلال الواقع الموضوعي لليبيا . وفي مقدمتها اعتماد الجغرافيا الليبية الوعاء الوطني الوحيد لليبيا . وبما أن الجغرافي الديمغرافي الثقافي الليبي . يضعها من ضمن جغرافيات غرب المتوسط . ويشدّها بقوة إلى الفضاء المغاربي المتوسطي . سنعمل على تثبيتها وغرسها وتجّذيرها داخل هذا الحيز الجغرافي لغرب المتوسط . ليس لأننا نريد ذلك . بل لأن الواقع الموضوعي يُـلّزمنا بهذا . وقد يكون وينتج في كل هذا . بعث الحياة ونفخها في كيان ليبي مستقل . وهذا سيُحملنا عبء آخر . يتمثل في مساعدة هذا الكيان على النهوض . بدفعه أولا نحو تحسّس ذاته . ففي ذلك تحّفيز له على اسّتعادة وعّيه الموضوعي . الذي سيساعده كثيرا في ترتيب أولوياته على نحو جيد . ومنها استدعاء واستدراج الأمن والاستقرار الضروريين لكل نمو ونهوض . إلى داخل جغرافيته . من خلال مد جسور من التواصل المنتج البناء , مع محيطه الجغرافي بغرب المتوسط . وبأولوية عمن سواها , مع الجغرافيا المغاربية المتوسطية . لأن في هذا التأسيس للمصالح البيّنية . مع هذا الفضاء الجغرافي . ذو الأهمية الحيوية لهذا الكيان الليبي الجديد , مردود إيجابي على الأمن والاستقرار داخله . وداخل محيطه الجغرافي . وكي لا تذهب كل هذه الجهود أدراج الرياح . يجب أن نعمل على تحّصين هذا الكيان الجديد . ضد التعثر والوقوع في مراحله الأولى . بإسناده بدعائم دستورية . من خلال الدعوة والإلحاح للتنّصيص لكل ما فات ذكره , داخل متن دستوره . وثمّت مسار آخر . يكون وفي الآن نفسه . موازيا لمسار تثبيت وغرس وتجذير الجغرافيا الليبية في فضائها الطبيعي . يتولى هذا المسار الموازي في مسّعاه . مساعدة هذا الكيان المستقل الجديد . في إنتاج آليات إدارته الذاتية . من خلال الذهاب معه نحو صياغة دستور تكون بنوده وأبوابه مُشبعة بروح هذا الكيان المستقل الجديد ومقاصده ودفّعه أيضا وبدعم منا نحو هيكلة توجهه الدستوري هذا . وإنزالها على دنيا الواقع . فى هيئات مؤسساتية . مفوضية عليا للانتخابات . برلمان . محكمة دستورية . الخ . ثم الذهاب معه نحو بث الحياة في داخل هذه المؤسسات الدستورية . بمساعدته على إجراء عملية انتخابية , مسّتوفية شروط النزاهة . مع قانون انتخابي جيد , لا يُرخّص بالمرور إلى داخل قاعة البرلمان , إلا لذوي المؤهلات والكفاءة . المشبّعون بروح هذا الكيان الليبي المستقل ومقاصده ولكن وكهيئة أممية دعونا نقول هنا . بأنه يجب فهم تناولنا هذا وصياغاتنا على هذا النحو . هو انحياز لنتاج جهد وعمل وقراءة تتكئ على حقائق الواقع الليبي الذي تقوله الجغرافيات الليبية الثلاث , لا غير وبعيدا كل البعد عن أي اجتهادات وتأويلات تحركها أهواء وأغراض شخصية . و نحن ومن جانبنا سنرحّب بكل جهد يدفع فى هذا الاتجاه . وسنمّنحه غطاءنا الأممي . ولا نقبل بطعن مصداقيتنا . بالقيام بأعمال لا تصب فى هذا الاتجاه . ونفضل الانسحاب من الساحة على منح غطائنا الأممى , لأعمال لا تخدم هذا الكيان الليبي المستقل أو تتعارض مع مبادئ هيئتنا الأممية .