( آدَمُ ) المُتَمَرّدُ

( آدَمُ ) المُتَمَرّدُ

د / سعد الأريل

لماذا عصا ( آدم ) ربه و خرج من الجنة ؟ ( آدم ) لم تكن لديه فكرة عن حياة الدنيا المملوءة بالمتناقضات و المنغصات التي تكدر صفوة وجوده وهي أساس الوجود لايمكن بالتالي وقوع حياة وجودية بدون تناقضات فلا خير دون أن نلامس الشر و لا جمال دون أن نلامس القبح .. ( فآدم ) أراد من تمرد على الذات الإلهية أن يثبت ذاته من خلال معصية الخالق فتمرد على أوامر ربه .. لم يكن لديه فكرة مالذي سوف ينجم عليه من هذا التمرد من ردود أفعال تقصيه من نعيم الجنة لم يكن لديه علم بالحياة الأخرى لم يكن لديه سابق معرفة بأمور الحياة الدنيوية و ما تؤول إليه من آلام و مصاعب و إنغاص للعيش الذي واكبه في حياته الأولى .. فهل التمرد نزعة إنسانية ؟ (آدم ) اختار المعصية على البقاء في الجنة .. ولكن طرده من الجنة لم يكن ذا إرادة منه أي لم يكن في الحسبان لديه ترك الجنة لكن قد يبدو الملال أو الاندفاع نحو الفعل ركب رأس ( آدم ) فاندفع إلى خطيئته بمعصية الخالق أو أن هناك إرادة علوية تريد أن تشكل دراما الوجود الدنيوي برمته بأن هذا المخلوق جُبِل على الفعل خيره و شره فهل كان هدف لتحقيق ذاته وسط الذات الألوهية ؟..فهل كان الرجل متوقعا جحيم الحياة الدنيوية و ماتؤول إليه من صعاب و آلام ؟ في الواقع لم يكن كذلك لن تكون لديه أدنى فكرة.. لكنه كان يريد أن يلامس الوجود المحرم حوله كان محض اندفاع ..فكان الرجل ينزع نحو تلمس وجود آخر بدافع من المعرفة .. أو أن ركب رأس ( آدم ) الملال من حياة الجنة .. فطفق يتمرد على الأمر الإلهي .. ليقول للرب : أنا موجود هنا و لا يمكن إغفالي .. فلن تعود الجنة هي الملاذ الممكن للإقامة .. فالرجل أراد أن يراقب نتائج فعله .. فعصا آدم ربه ليراقب نتائج تمرده وأقبل على قطف الفاكهة المحرمة وخرج من الحنة لم يكن لآدم دراية كافية بأنه سوف يخرج بفعلته من نعيم الجنة إلى جحيم الدنيا ..و لكنه اختار أن يكون ذاته .. فالتفاحة لم تكن هدفا في ذاته إذا ما كانت الجنة مملوءة بسلال من الفواكه بل إنها لاكتشاف ماهو قادم عليه من فعل ..فالتفاحة لم تكن هدفا في ذاتها بل روح التمرد لدى ( آدم ) التي دفعته للتمرد و إتيان العمل ..فهل كان هذا الطرد إرادة آلهية أم طرد وجودي ناجم عن فعل إنساني .. كان تمرد ( آدم ) نزوع نحو إثبات الذات في مقابل الرب .. فهل كان هذا الخروج تأليه لذاته .. و هل كان (آدم ) ينزع في أن يكون في مقابل الله .. و لماذا هذا الخلق الدنيوي يتحمل وزر خطيئة ( آدم ) ..؟؟ في هذه الدراما الوجودية لم يكن لدى الإنسان الوجودي أدنى معرفة بما يجري من حوله كوجود إنساني أنه مسمار في آلة عظيمة لا ينفك عنها فهو ذات محدودة المعرفة و لا تملك المطلق أنه ذات تائه الوجود و المعرفة .. فهو لم يكن مسؤولا عن وجوده و لم يختر هذا الوجود وفق إرادته لقد أطلق به في هذا الوجود دون أن يختار مصيره .و لم يسأل حول وجوده أنه يعلم تمام المعرفة أن لا قدرة لديه في اختراق ما بعد الوجود .. إنه يرى أجسادا تتوارى تحت أديم الأرض و لا يستطيع تفسير ذلك .. نحن لدينا مسلّمة بأننا لا يمكن تجاوز معرفة ذواتنا و إن كانت لديه الإرادة في أن يكون لإدراك المعرفة .. الإنسان جُبل على الفعل منذ النشأة الأولى .. فهو مدفوع أن يفعل .. ومن ثمة التمرد نزعة إنسانية للفعل .. إنه يخوض حربا لتدمير ذاته بوعي أو دون وعي . إنه انتزاع محض للفعل تدفعه الشهوة لقطف تلك الفاكهة المحرمة .. حتى و إن كانت تلك الشهوة تخرجه من الجنة ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :