إيرونق مع لجداب :: ويصيف وين ما جاد الولي

إيرونق مع لجداب :: ويصيف وين ما جاد الولي

 

قصة قصيرة /فوزي الحداد


(( قبل أن تحاول فهم الغناوة عنوان القصة أكمل قراءة القصة لعلك تصل للمعنى ))

=======================

(1)

بعد انتظار طال أمده ، اربدت السماء منذرة بهطول الغيث النافع ، خرج جميع أهل القرية للاحتفاء بالحدث الكبير ، أخيراً سيرتوي كل شيء ويمتلئ بئر النخلة الذي يتوسط مساكن القرية .

وتدفق الخير فشرع النساء والرجال يهنئون بعضهم بعضاً ، بينما الأطفال تركوا يلهون وسط برك المياه الناشئة .

(2)

كان المطر غزيرا ، فدخل الناس بيوتهم محتمين من اشتداد تهطال المطر وظلوا يستمعون بنشوة ظاهرة إلى صوت تعانق الماء والتراب وما ينتج عن هذا التحاب حين تنتشي التربة ويضوع عبيرها في كل الأنحاء محتضناً الرئات الظمأى بكل الشوق واللهفة .

(3)

الجميع فرح فقد كانت انفعالات السرور ترسم على الوجوه ملامح البهجة كلما دوت ” الطراقيع ” أو هدر الرعد .

ألا هو – مسعود- كان البؤس والشقاء يحاصره من كل الجهات ، فلم يفلح أبداً في استمالة العجوز مريومة المتاجرة بالزواج ، التي ما برحت تتهمه بأن لا فصل ولا أصل له ، فأصبحت هذه النظرة تلاحقه في عيون كل فتيات القرية إلا ” مبروكة ” .

(5)

المطر لم يزل ينهمر .. ومسعود قابع خلف نافذته ، لم يخرج للاحتفاء بالمطر ولم يستمتع بدوي الرعد و” الطراقيع ” كعادته ، لم يكن سعيدا بموسم المطر ، العام الماضي كان مع المحتفين لكن أمره الآن يختلف ، نظر باستياء ناحية البئر الذي يتوسط القرية وإلى النخلة السامقة بجانبه وتساءل متى سينفد كل هذا الماء ؟؟ ، لم يهتم بالبحث عن إجــــــابة بل حـــــــــاول أن يستحضر طيف ” مبروكة ” . لن يستطيع بعدُ الالتقاء بها كما يريد عند البئر الغربي ، لن يستمتع بإسماعها آخر” غناوة علم” قالها من أجلها ، لن يتمكن من تأمل وجهها الجميل البهي عن قرب ، ولن ينتشي مجدداً بزخات الماء البارد التي تقذفها من جرتها في وجهه كلما شاغبها بلطف ، لن يأتي أحد بعد اليوم إلى البئر الغربي ، سيظل هناك وحده حتى ينفد بئر النخلة ، يترنم بغناوته الأثيرة:

” اِيرونق مع لـَجـْـداب:: ويصيف وينْ ما جاد الولي .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :