القانون الإداري قانون أصيل ومستقل

القانون الإداري قانون أصيل ومستقل

 تعتبر فرنسا أقدم الدول عهداً بالقانون الإداري ويعد بذلك القانون الإداري حديث النشأة  بسبب أنه لم يولد إلا على النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولم تتبلور مبادئه وأسس نظريته إلا مع بداية القرن العشرين، فقد ولد في فرنسا مع نهاية عام 1799، حين تقرر إنشاء مجلس الدولة الفرنسي ليكون قطاعا إداريا يفصل في المنازعات الإدارية.

 على الرغم من انتشار حركة التقنين إلا أن القانون الإداري لم تشمله حركة التقنين هذه رغم تميز قواعده ورسوخ مبادئه واكتمال نظرياته ، ويمكن تعليل عدم التقنين هذا بأسباب كثيرة منها أن نشأة القانون الإداري كانت قضائية بمعنى أن المشرع متمثلاً بجهاته لم يضع أحكام وقواعد القانون الإداري بل أن أحكام القضاء هي من بلورت وصقلت هذه القواعد والمبادئ ، كما أن قواعد القانون الإداري قد تكونت تدريجياً نتيجة التواتر العالي بين أحكام المحاكم الإدارية ومجلس الدولة الفرنسي ، إلى جانب سبب رئيسي وهو مرونة القانون الإداري وتطوره بصورة دائمة حيث أن عدم التقنين يعطي هذه المرونة المطلوبة، هذا يعني أن قواعد القانون الإداري غير مقننة، أي أنه لا يوجد مجموعة تشريعية واحدة تحتوي على كافة النظريات والمبادئ والقواعد الرئيسية لهذا القانون.

فالقانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي وكذلك هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم نشاط الإدارة و السلطة التنفيذية أثناء تأدية وظائفها الإدارية، وتبين كيفية إدارتها للمرافق العامة واستغلالها للأموال العامة بالإضافة إلى تحديد علاقة الدولة بموظفيها من حيث التعيين والترقية والتكليف والإعارة وغير ذلك من العلاقات.

يتميز بأنه قانون قضائي، نشأ عن طريق المبادئ والقواعد الإدارية التي خلقها، وقد ساعد على ذلك عدم تقنين أغلب قواعده، فكان لابد للقضاء أن ينهض بهذه المهمة من خلال وضع أسسه ونظرياته. وإذا كان التشريع ينظم في الحقيقة بعض مواضيع القانون الإداري خاصة فيما يتعلق ببعض النصوص الدستورية والتشريعية واللائحية التي تحكم جوانب مهمة من علاقات الإدارة العامة فإن التشريع لا يزال قاصراً عن مجالات كثيرة متعلقة بقواعد القانون الإداري، ودور القضاء الإداري متميز عن القضاء العادي بحيث أن القضاء الإداري قضاء منشئ.

تشتمل مصادر القانون الإداري على مصادر القانون بصورة عامة ، وهي عادة أربعة مصادر ” التشريع – العرف – القضاء – الفقه.

نجد أن أساس تطبيق القانون الإداري هو معيار المنفعة العامة

و مفاده أن الغاية من المرفق العام هو تحقيق المنفعة العامة للمجتمع و أفراده فكل نشاطات أجهزة الدولة تهدف إلى تحقيق الغاية من الدولة وهو تحقيق متطلبات المجتمع الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية و هو أساس هذه النظرية لتحديد مجال تطبيق القانون الإداري.

تشمل موضوعات القانون الإداري تنظيم نشاط الأجهزة الإدارية في الدولة، والوسائل التي تستخدمها الإدارة البشرية والقانونية والمادية، هذا وينصرف المعنى الضيق للقانون الإداري إلى مجموعة القواعد القانونية الإدارية المستقلة التي

 تطبق على ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها ومراقبة هذا النشاط وهذه الوسائل من القضاء الإداري.

إن الإدارة تؤدي وظيفة أساسية ومهمة في حياة المجتمع , هذه المهمة تستهدف إشباع الحاجات العامة من خلال إدارة و تسيير المرافق العامة بانتظام و اضطراد. وأيضاً تهدف إلى حماية النظام العام من خلال تنظيم و مراقبة نشاط الأفراد و ضبط أوجه النشاط الخاص لتوفير الأمن و الصحة والسكينة لكافة المواطنين، ويعد القرار الإداري من أهم امتيازات الإدارة التي تملكها لتحقيق النفع العام و خدمة جمهور المواطنين فهو الدعامة الرئيسية التي يقوم عليها نشاط الإدارة.

هناك فرق بينه وبين النظام القانوني للمنازعات الإدارية الذي لا يمثل إلا جزءاً من قانون القضاء الإداري من ناحية وقواعد القانون الإداري من ناحية أخرى. وتطبق قواعد القانون الإداري على نشاط السلطة الإدارية وتخضع له علاقاتها مع الأفراد سواء كانت هذه العلاقة إرادية أو غير إرادية.

والقرار الإداري بوصفهِ عملاً قانونياً يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة بما لها من سلطة بمقتضى القانون لغرض إحداث أثر قانوني معين، حيث يقوم على أركان وهي خمسة منها أركان تتعلق بشكل القرار الإداري وهي ( ركن الاختصاص و ركن الشكل و الإجراءات ) وأخرى تتعلق بموضوع القرار وهي ( ركن المحل وركن السبب وركن الغاية ) فيكون أي عيب يصيب أحد أركانه الخمسة وجهاً للإلغاء وتكون العيوب : عيـب عدم الاختصاص  وعيب الشكل و الإجراءات و هي عيوب خارجية و عيب المحل ( مخالفة القانون ) و عيب السبب و عيب الغاية ، وهي عيوب داخلية ( موضوعية ).

أما عن مكونات القانون الإداري فهي تتمثل في التنظيم الإداري ويتضمن الهيئات و السلطات الإدارية في الدولة و تحديد طبيعتها (مركزية و اللامركزية) والعلاقة القائمة بين هذه السلطات أو الهيئات. والمكون الثاني يتمثل في المنازعات الإدارية وهي الجهات القضائية المختصة (محاكم إدارية، محاكم إدارية استئنافية، مجلس الدولة)، فضلا عن الإجراءات القانونية المتبعة (قانون الإجراءات المدنية و الإدارية).

إذاً الفرق كبير بين القانون الإداري وعلم الإدارة ، يتجلى في أوجه الاختلاف حيث  يبحث القانون الإداري في التنظيم القانوني للجهاز الإداري ووظيفة كل عنصر من عناصره، بينما يهتم علم الإدارة العامة بدراسة مناهج تنظيم الإدارة ودراسة العوامل البشرية والتقنية التي تتحكم في هذا التنظيم والتسيير، وما يجب أن تكون عليه الإدارة وكيف ستكون في المستقبل.

إذاً نخلص إلى أن القانون الإداري قانون أصيل ومستقل وهنا لا يتوجب على القاضي الإداري أن يرجع للقوانين المدنية ليعطي حكماً، بل يجب عليه أن يستنتج الحل الأمثل من خلال مجموعة التشريعات الإدارية الموجودة، إضافةً للاستفادة من الأسبقيّات القضائية.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :