الْـجَـرَائِمُ الْـمُـرْتَـكَـبَة ضِدّ حُـقُـوقِ الإِنْـسَانِ (1)

الْـجَـرَائِمُ الْـمُـرْتَـكَـبَة ضِدّ حُـقُـوقِ الإِنْـسَانِ (1)

كتب :: المستشار :: عقيلة محجوب 

عودا على مقالتي السابقة المُعَنْوَنة بأن البشر ليسوا سلعة للبيع فإن البشرية قد عرفت ظاهرة الاسترقاق منذ العصور القديمة وعقد عمل العالم على محاربة هذه الجريمة واعتبرها جريمة دولية يجب محاربتها وفقا للقانون الدولي وكانت أولى محاولات مكافحتها على النطاق الدولي في باريس سنة 1814-1815 م وهو ما ورد النص عليه في معاهدة السلام ثم دعت ثمان دول إلى وضع حد للاتجار بالرقيق وذلك بالتصريح الذي أقره مؤتمر فيينا سنة 1851 م وتوالت الاتفاقيات والمعاهدات التي تجرم هذه الجريمة الدولية على نطاق دولي واسع حيث أقر مؤتمر لاشايل ومؤتمر فيرونا الاتفاقيات السابقة واعتبر الاتجار بالرقيق جريمة معاقب عليها بموجب اتفاقية لندن سنة 1841م والتي صدقتها كل من بريطانيا والنمسا وروسيا وكذلك بموجب اتفاقية بروكسل سنة 1890م كما خصصت بعض الاتفاقيات الدولية لتجريم الاتجار بالنساء والأطفال حيث عقد مؤتمران في السنوات 1902 – 1910 واعتبرت اتفاقية سنة 1910 م الاتجار بالنسبة لأغراض البغي جريمة معاقبا عليها وكذلك اعتبرت نفس الأفعال جريمة معاقبا عليها في اتفاقية جنيف سنة 1921م والتي وسع نطاقها مؤتمر جنيف عام 1923 م وقد أبرمت الأمم المتحدة عديد الاتفاقيات في هذا المجال أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر اتفاقية 1949م التي اعتبر بموجبها ممارسة الاتجار بالرقيق جريمة معاقبا عليها وقد نصت المادة الثالثة عشرة من اتفاقية جنيف للبحار العالية على دعوة الدول إلى منع ومعاقبة المشتغلين بتجارة الرقيق وأكدت على وجوب أن تمنح الدول والتي تحمل جنسيتها البواخر التي يلجأ إليها أي رقيق حق اللجوء وأن يعتبر حرا بمجرد لجوئه وقد صادق مؤتمر قانون البحار على هذه الاتفاقية بمؤتمره المنعقد عام 1958م كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عديد القرارات التي تؤكد تجريم هذه الجريمة فقد جاء في المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 م ما يلي ( لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوصافها ) ونص الميثاق الدولي لحقوق الإنسان المدنية الصادر بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966م في مادته الثامنة على نص مماثل للنص السالف الذكر وبذلك نستنتج أن هناك عرفا دوليا تفرض قواعد القانون الدولي العام بموجبه التزاما شخصيا على الفرد بعدم ممارسة الاتجار بالرقيق وتعتبر هذا العمل تصرفا جريميا يستوجب العقوبة وفي هذا السياق يحق لنا كأمة مسلمة أن نفتخر بأن تجارة الرقيق مجرّمة عندنا شرعا قبل أن تجرم عند غيرنا تشريعيا وفي العدد القادم من فسانيا سنعرض لجريمة أخرى من الجرائم المنتهكة لحقوق الإنسان فترقبوا الجديد.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :