جواد سيف الدين لفسانيا : الكاتب يولد من رحم المعاناة و الحب في آنٍ معاً

جواد سيف الدين لفسانيا : الكاتب يولد من رحم المعاناة و الحب في آنٍ معاً

حاوره :: سالم الحريك

يرى بأن روايته قلم و ريشة كانت تمرداً على الواقع، و نوعاً من التحدي من كافة الجوانب و منفساً لمشاعر تحاكي صراع الأجيال و القدرة على الإيتاء برياح التغيير ، ويقول بأن الكاتب يولد من رحم المعاناة و الحب في آنٍ معاً، و أن كل تلك المعاناة قد أنتجت عملاً أدبياً.

نخوض هذا الحوار مع الشاعر والروائي اللبناني جواد سيف الدين. بدايةً عرفنا بنفسك ؟

يقول :: ” جواد محمد سيف الدين شاعر و كاتب لبناني ” ولدت في نوفمبر من عام 1993 في البقاع في منطقة شمسطار غرب بعلبك. أضاف ” أمي من أصول أردنية و أبي لبناني ويعمل في الزراعة إضافة إلى عمله كمهندس بناء و لا شك أن هذا الأمر كان له تأثير كبير في شخصيتي فقد تربيتُ و إخوتي على حب الأرض و الوطن مهما عصفت به الظروف.

أضاف :: ” حصلتُ على الإجازة التخصصية الجامعية في مجال الإشراف الصحي الاجتماعي عام 2016 و بدأت منذ ذلك الوقت العمل في مجال المنظمات الإنسانية و الجمعيات التي تهتم بالخدمة الإنسانية ، الأمر الذي يشكل لي راحة نفسية لا توصف.

بين :: ” عملتُ أيضا في مجال الصحة النفسية و الخدمة الاجتماعية و هذا الأمر ترك أثراً كبيرا في حياتي ، و ترك طابعاً أيضا في كتاباتي.

أعرب ” أتطلع أيضا إلى نيل الدكتوراة في مجال الخدمة الاجتماعية و لديَّ شغف كبير بالقراءة و الكتابة و متأثر إلى حد كبير بأشعار نزار قباني و محمود درويش، أما عن هواياتي فهي كرة السلة ، الصيد ، و المشي في الطبيعة.

خلال النبذة التعريفية أسبقت الشاعر على الكاتب ماذا نفهم من ذلك؟

أجاب ” لطالما أحببتُ هذه الوصمة التي لم تأتِ من فراغ، و لم أنسبها لنفسي فأنا من يشعر و أنا من يكتب و هم من يقولون أقصد الناس حولي و بنفس الإطار إن لم ترَ نفسك ما تطمح و إن لم تعمل على تقدير ذاتك، لن يقدرها لكَ أحد فالناس ينظرون لك كما تنظر لنفسك، فإن نظرت لنفسك على أنك عظيم، ستكون يوما شخصا عظيما بالتأكيد مع الأخذ بعين الاعتبار الموهبة و الشخصية و القدرة على إثبات ذلك.

و اعتبر” برأيي الشِعر هو كتابة و أنت تحمل آلة موسيقية، فتناغمُ المعاني قبل الحروف وتترجم الأحاسيس بطريقة تستطيع فيها كلماتكَ لمس قلوب الناس قبل أن تلمس أسماعهم، فتصبح تلك الكلمات حروفاً ناطقة تحاكي تجاربهم ربما أو تلمس فيهم أمراً كان محجوزاً بطبقة من الإسمنت.

تقول في الإهداء في بداية روايتك قلم وريشة، “إلى أبي الذي يرى كل ما أفعله تافهاً وأهديه كتابي الذي لم تهتم لأمره” هل كانت الرواية والنشر نوعاً من التحدي وإثبات الذات قبل أن تكون عملاً أدبيا؟

أكد ” كتابي قلم و ريشة كان تمرداً على الواقع، وكان نوعاً من التحدي من كافة الجوانب و منفساً لمشاعر تحاكي صراع الأجيال و القدرة على الإيتاء برياح التغيير و من يقرأ الرواية سيفهم ما أقصده و سيكون إهدائي في الكتاب التالي يحاكي رياح التغيير فالكاتب يولد من رحم المعاناة و الحب في آن معاً، و يمكنني القول إن كل تلك المعاناة قد أنتجت عملاً أدبياً ، أما موضوع إثبات الذات فقد بدأ قبل كتابي و كان الأخير استكمالاً له.

هل تؤمن أن القلم اليوم خصوصاً في بلداننا العربية، قادر أن يكون سببا هاماً في تغيير الواقع إلى ماهو أفضل؟

قال : ” القلم هو بديل السلاح و الحرب و العنف و الطريق الأول نحو السلام الداخلي و ما يخطي به قادر على الأقل أن يخفف عنا وطأة الكتمان.

أكد ” نعم أؤمن اليوم في بلداننا العربية بقدرة القلم على التغيير، فنحن يا صديقي في البلدان العربية ، نحب الشعب و نحن السلطة و نحن الصورة الجميلة التي سنعطيها نحن من سنقاوم بالقلم وفيهِ سنصوب السلاح ضد مغتصبي الأرض و من يوصل صوت المظلومين غير القلم ومن يدافع عن أصحاب الحقوق غير القلم !

فالقلم مسؤولية ورسالة و ليس كل حامل له قادر أن يتحمل هذه المسؤولية.

حدثنا عن روايتك قلم وريشة، ما أبرز ملامح الرواية وكيف تحب أن تقدمها لهم؟

أشار : ” قلم و ريشة هي قصة حب تدور بين قلم بطل الرواية و حبيبته ريشة ، تبدأ بلمحة موجزة عن حياة بطل الرواية العائلية ووقوفه بوجه العادات و التقاليد و كيف أتت حبيبته من عالم الأحلام لتعيد إيمانهُ بالحب. تابع ” الرواية تحكي عن عشرين علامة تظهر في تسلسل الأحداث لتكتمل في الأخير قصة حب الكاتب ببطلته.

نوه ” ابتعاد يأتي فجأة من حبيبته، يبحث عن سر الخطيئة بعدها، ليكتشفَ في الأخير أن المرض قد تمكن منها و كانت تقوم بإبعادهِ من فرط حبها له ، الرواية تحمل الكثير من الواقعية مع خيط رفيعٍ من خيال الكاتب .

تقول بأن الرواية تحمل الكثير من الواقعية، هل تقصد الواقعية بشكل عام أم قد يوجد بها بعض من ملامح السيرة الذاتية؟ أوضح ” روايتي مستوحاة من مشاعر تدفقت من حياة الكاتب جواد سيف الدين و مشاعرهِ تجاه حبيبته و أبت إلا أن تستقر على أوراق مرهفة الأحاسيس و هي رواية عاطفية بامتياز تحمل الكثير من الأحاسيس و بالتأكيد تعطي صورة لحياة الكاتب و سيرته الذاتية و جانب صغير من الأفكار والميول الخاصة به و حتى حياته الشخصية فمثلا في الرواية يكون بطل الرواية لديهِ أخت توأم و هذا واقعي ، و هذا ينطبق على العديد من الأمور المذكورة في الرواية. أشار إلى أن ” تبقى تلك الومضة الغامضة و الخصوصية التي أحتفظ بها و لكن أنا على ثقة أنها ستتفجر في كتاب آخر فيما بعد.

بين ” أنا فخور جداً بروايتي الأولى خصوصاً بعد أن لاقت نجاحاً مبهراً في العديد من الدول و لاقت انجذاباً من الجمهور القارئ وحققت نسبة مبيعات ممتازة في زمن هُمشت فيها الكتب و الروايات و لا شك أن قلم و ريشة سيكون الخبرة الأولى لتطوير أسلوب كتاباتي إلى الأفضل. مواقع التواصل الاجتماعي اليوم تساهم بشكل كبير في تكوين قاعدة قراء ومتابعين قبل النشر، هل استفدت من ذلك قبل النشر أم لا؟

إسترسل ” لا شيء في الحياة صدفة لقد اتصلت بالعديد من دور النشر الموجودة في لبنان و لكن بسبب الضائقة المالية التي كانت تمر بها البلاد كانت الأعمال متوقفة بجميع دور النشر.

ذكر ” لقد وقع أمام نظري على مواقع التواصل الاجتماعي تحدي

ذكر ” لقد وقع أمام نظري على مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً الفيسبوك و لأول مرة ، إعلان عن دار نشر مصرية اسمها دار ببلومانيا للنشر و التوزيع ، كانت تلك أول مرة يمر منشور من هذا النوع على الصفحة ، و لا تسألني كيف و لماذا و عن ماهية تلك التي لن أسميها بصدفة ، و لكن الإنسان بشغفه لأحلامه يستطيع تحقيق ما يريد و سيسيرُ الله له كل الأمور لتساعده لتحقيق ذلك ، طالما هو يمتلك بذرة الأمل و الطموح و الشغف و أضعُ ثلاث سطور على كلمة شغف .

أفهم ” نعم فقد تواصلت مع الدار و أرسلتُ عملي و تمت الموافقة عليه ووقعت العقد مع الدار و أشكر تحديدا السيدة ديانا حمزة و الأستاذ محمد جلال على كل الدعم الذي تلقيته من دارهم الكريمة، و لقد استفدت من صفحة دار ببلومانيا بشكل كبير لأقوم بتقديم روايتي و وضع مقتبسات منها و الاستفادة من النقد البناء و من خبرة العديد من الناس في مجال الكتابة. أنت مُصِّر ربما على التغيير كما ذكرت وتحدي الواقع وربما تكتب بجرأة، هل أثرت قراءاتك الغزيرة لقباني ودرويش في هذا الجانب؟

أوضح ” قصائد نزار قباني كان لها وقعُ الزلزال على نفسي ، أفكاره تشبهني ، رومانسيته تشبهني،في تمرده على بلاد العرب يشبهني و من يقرأ قصائده يعرف فن امتزاج الحب و الغزل بالحرية و السياسة بالسلام ، أعطيك مثال قصيدته : أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ تُسمّى – مجازا – بلادَ العَرَبْ تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ… وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى ككلّ العصافير فوق الشجرْ… ما هذا المزيج الرائع ؟ أما فيما يتعلق بمحمود درويش فهو بالنسبة لي الثورة و الوطن و الحب و الغزل و تصوير الأنثى بأبهى صور الجمال في الوقت الحاضر هل ترى بأن هناك شعراء قادرين على التأثير في الرأي العام والواقع العربي كتأثير قباني ودرويش سابقا؟ نفى ” في الحقيقة لا ، لم أجد إلى الآن ما يؤثر بي أكثر من أشعارهما ، ربما أطمح أن تمتلك أشعاري هذا التأثير ، في النهاية الأمر يتعلق بالذوق و لكن لا أعتقد أن هناك من قد وصل إلى هذا المستوى قط ، رغم كل ذلك لا يزال بعض العظماء يعطوننا الأمل في عظمة الشعر أمثال سعيد عقل و غادة السمان و الكثير من الشعراء غيرهم. هل نفهم من تأثرك بهؤلاء الشعراء أن الحس القومي لديك كبير إلى حد ما ولو أن القومية العربية قد عفا عنها الزمن كما يقول البعض؟ أكد ” نعم ، ولو أن الواقع يحبط أحلامنا ، لكن تبقى القومية العربية و اللغة العربية التي تجمع كافة الدول من المحيط إلى الخليج هي الحل الجذري خصوصا مع الأوضاع المتردية في جميع البلدان العربية و الحاجة لها من أجل المقاومة ، نحن يا صديقي لسنا لصوص أوطان، نحن نفتخر بتاريخنا و ثقافتنا و نحن الثوار بالقلَم. تستخدم القصيدة النثرية بشكل كبير في روايتك، هل تراها عنصرا مهماً لخدمة السرد في الرواية؟ اعتبر أن ” القصيدة النثرية هي جاذبية الكلمات و المعاني، كالذي يدخل في طريق لا يعرف إلى أين يؤدي ، فينصدم بالموسيقا التي تأخذه إلى مكان آخر، عنصر المفاجأة و الإثارة من أهم الأمور التي تميز هذا النوع وتضيف للسرد رونقاً خاصاً ، لقد مزجت في كتابي قلم و ريشة الشعر و النثر و هذا كان أكبر تحدٍ لي في روايتي الأولى لكني اخترتُ المجازفة ، و أحببت جداً النتيجة، أنا من الذين يحبون العزفَ بين الكلمات و هو نوعٌ من الإحساس المخملي النادر. حدثنا عن أقرب أعمالك القادمة، وما الذي تطمح إلى الوصول إليه؟ أظهر ” أنهيت العمل في الحقيقة على روايتي الثانية “أصابتني خرمة الحب” وقد قدمت الرواية لمسابقة ببلومانيا للرواية العربية، لن أدخل بموضوع الرواية فلتكن مفاجأة، أما فيما يخص كتابي قنبلة بلا نون فسيكون قنبلة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى و هو عبارة عن خواطر من الإيجابية و التنمية البشرية و التركيز على قيمة الإنسان و بالطبع الحب الثورة و الحرب. نوه ” كتابي الرابع الذي بدأت العمل عليه سيكون بعنوان “إجهاض” و أتطلع إلى تأليف جزء آخر من كتابي قنبلة بلا نون تحت عنوان حربٌ بلا راء ، طموحي ليس له حدود لكني أتطلع بالوقت الحالي إلى الكتاب العاشر. ختم ” كلمتي الأخيرة إلى كل الحالمين بالحياة و الذين يمتلكون الموهبة و الطموح و الشغف، الفشل أول خطوات النجاح و الكلام الجارح هو الوقود نحو التطور و التحسن، فلتكن أحلامكم بلا حدود و ابتعدوا عن الخوف و إن تحتم عليكم الندم فاندموا على الأمور التي فعلتموها لا التي لم تفعلوها ، و شكرا أخي الكريم و أتمنى أن الحوار كان في المستوى والإجابات وافية للقراء الكرام.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :