شباب درنة المهاجرون بين المجهول والمأمول

شباب درنة المهاجرون بين المجهول والمأمول

 

تقرير :: صافيناز المحجوب 

  مدينة درنة منذ ما يربو عن السبعة أشهر تعاني من حصار خانق إثر منع دخول المحروقات وغاز الطهو والمواد الغذائية والأدوية للمدينة مما أدى إلى حالة معيشية  أقل ماتوصف به بأنهاكارثة، خاصة في ظل  الارتفاع المجنون في الأسعار تزامنا مع نقص السيولة المالية ،  لقد أغلقت جميع المنافذ المؤدية للمدينة وتم المنع التام لخروج  ودخول المركبات  إليها إلا فيما  ندر ، ناهيك عن التعرض للاعتداء اللفظي والمشادات الكلامية التي أدت في كثير من الأحيان إلى إطلاق النار العشوائي في الهواء بعد أن أغلقت الطرق  بسواتر ترابية  وإسمنتية حتي  أوشك أهل المدينة ان يهجروها لولا أملهم في  أن يتم إصلاح الأوضاع .

 

ظلت شوارع المدينة خالية من المركبات الآلية ،لم يقتصر الأمر علي ذلك فحسب وإنما نتج عن شلل الحياة اليومية  توقف كامل للجامعات والمؤسسات الحكومية بسبب نقص  البنزين فلم يعد باستطاعة الموظفين التوجه إلى أعمالهم ولا الطلاب إلى جامعاتهم وفرغت البضاعة من معظم المحال وتوقفت المخابز بسبب نقص الدقيق  وشح الدواء في المستشفيات ،  وتوقفت شركة الخدمات عن عملها مما أدى إلى تراكم القمامة وانتشار الروائح الكريهة بالإضافة إلى انتشار بعض الأمراض التي تسببها  الحشرات كالحمى الجبلية طال انتظار الفرج ولم يعد أحد يطيق العيش إلا على مضض فلم تعد الحياة مستطاعة فما كان من الشباب إلا أن ركبوا البحر فارين  من جحيم المدينة محاصرة إلى مجهول يبدو أفضل حالاً في استطلاع رأي قمنا بسؤال بعض أهالي المدينة هل هم مع أو ضد هجرة شباب المدينة للخارج

الشباب المهاجر يغطي حاجة المجتمع الأوروبي للعمالة الرخيصة

 

قالت السيدة صالحة/ ربة منزل : أنا ضد هجرة الشباب وبقوة فلو كانت هجرتهم من أجل العلم والرجوع لإفادة بلادهم لكنت وافقت ، ولكن هؤلاء ذاهبون إلى الموت والقهر والمهانة وغسل الصحون

أما السيد خالد / موظف فقد كان ضد هجرة الشباب ، وقال مضيفاً : “لو كانت الدولة تعي قيمة الطاقات الشبابية لوفرت لهم فرص العمل ، لأن سبب الهجرة الشبابية في الوقت الحالي عدم الاستقرار وعدم توفر السيولة . و الشباب يظنون أنهم سيجدون الجنة أمامهم لكن سيتم استغلالهم .

درنة بين النساء الرافضات للهجرة و الحالمات بها

 

فمثلا البارحة علمت عن  شاب ليبي تزوج من امرأة تبلغ من العمر 104 سنة والسبب رغبته في الحصول علي مسكن ويستقر في البلد المهاجر إليه !

بالنسبة لي أظن أن وضعنا المعيشي ليس سيئا لدرجة التفكير في الهجرة إلا إذا كانت في غاية هؤلاء المهاجرين أشياء أخري .

رأى السيد قدر / وهو موظف  من مدينة درنة إن الهجرة فرصة لبعض الشباب  حيث قال :

” أنا مع هجرة الشباب لأن بقائهم في ليبيا في الوقت الحالي هو موت بطيء ، فهم سيشيخون قبل أوانهم  ، دعوهم يروا العالم الآخر ،أنا أنصح بالهجرة .

أما فئة الطلاب و منهم الشاب محمد مع هجرة الشباب ، لأنه يرى أن  المهاجر سيعمل ويرجع لوطنه بمال ولغة وثقافة مفيدة وفكر متطور وأكثر نظام وحضارة .

هجرة الشباب خير من شيخوختهم المبكرة في وطن القهر !

 

أما الشاب وسام وهو طالب أيضاً يرى أن لو الأوضاع المعيشية بدرنة استحالت لأسوأ مما عليه الآن لكان قد هاجر  ولكن “الحمد لله مايزال وقت

الهجرة درنه ماتزال بخيرها ” على حد تعبيره.

و تباينت آراء شريحة النساء في الهجرة حيث كن البعض مؤيدات لهجرة الشباب و منهن السيدة بوران/ موظفة  التي قالت :”أنا مع الهجرة من ليبيا   ، ولو أتيحت الفرصة لي لتركت ليبيا للمليشيات بجميع مسمياتها” .

و أضافت السيدة بقليس /موظفة مؤيدة للرأي السابق :”دعوهم يهاجرون ، فربما يجدون راحتهم هناك ، فالحياة أصبحت صعبة جدا والطموح والأمل مفقودان، و أنا كذلك لو أتيحت لي الفرصة للهجرة سأهاجر .

أما ربة البيت السيدة “غزالة ” على خلاف رأيي سابقتيها الموظفتين  ، ترى إن الهجرة قرينة فقدان الكرامة الإنسانية حيث قالت  عن حال الشباب المهاجرين :

“لن يجدوا إلا الذل والإهانه وفوق كل ذلك سيأخذ منهم كل ما لديهم مال ويتركونهم (أقصد المنظمات الإنسانية ) ينامون في الشوارع .

لسان حال المهاجر: ” من خرج من داره ، قل مقداره

كان للسيدة عزيزة /موظفة  نفس الرأي ، مضيفةً : “الموت في بلادي أرحم لأن الهجرة لن يأتي من ورائها سوى قلة القدر والقيمة أو الموت غرقا وعلى رأي المثل «من خرج من داره قل مقداره”

و رأت السيدة فايزة/ موظفة  إن سبل العيش لاتعوز المواطن إذا أراد العمل بعرق جبينه حيث قالت لفسانيا : ” لأن تعمل في بلادك حتي في بيع خبز التنور وأنت مرفوع الرأس وبين أهلك وناسك ، وتأخذ رضا والديك ، أفضل ألف مرة من أرصفة أوربا وصعوبة الغربة والهجرة غير الشرعية أيضا “.

في هذا الاستطلاع لرأي المواطنين تكلم السيد قدر /موظف لفسانيا عن حاجة  المجتمع الأوروبي لعمالة من الشباب المهاجرين

فهو  يستوعب عددا كبيرا  منهم  لتغطية الاحتياج  في العديد من الوظائف والخدمات التي  قد تكون وضيعة أحياناً : مثل العمل في القمامة والصرف الصحي والسلخانات والمطاعم والكنس والصيد وغيرها من الأعمال التي يتعالى عليها المواطنين عندهم ..وإذا قبل بها سيكلف عمله راتبا كبيراً .

لعل هذه الدول تفتقر للشباب كعمالة بسبب قوانين صارمة يطبقونها في تحديد النسل، فقد أضحت أغلب مجتمعاتهم من كبار السن ، ونسبة الشباب  لا تفارن بنسبة الشيوخ. وهذا سبب رغبتهم في استقبال الهجرة غبر الشرعية إذ يستغلون كأيد عاملة رخيصة في المزارع والمصانع. ويعود لكل مهاجر وطنه عندما تنتهي الحاجة  إليه.

وتحكي السيدة رندة / ربة منزل عن موسم هجرة  الشباب عبر البحر في درنة قائلة : إن توقيت الهجرة غير الشرعية مرتب مع حالة الطقس ، فالبحر في هذا الوقت من السنه يمتاز  بالهدوء وعدم الهيجان وهناك أيد خفية من دول مجاورة تمد اليد لهؤلاء الشباب من أجل مصالح مادية وتقوم بتوزيعهم للدول حسب الحاجة كأن مأساة سوريا تتجسد في شباب درنة

أما أحد الآباء فيقول : اليوم تحدثت مع ابني وهو يشعر بالانبهار وقال أن صديق له قد بعث له صور من شواطئ أوروبا وقد هاجر أول أمس في رابع قارب يخرج من درنه السؤال المهم.

جميعنا رأينا أشرطة وصور لوصول المهاجرين إلى البلدان الأوروبية وكانوا في حالة يرثي لها ومحاطين بالشرطة وخفر السواحل بينما نجد هؤلاء الشباب يبعثون صور من على الشواطئ وكأنهم في رحلة سياحية. والغريب من أين يبعثون هذه الصور؟ يعني هل فور وصولهم يجدون  خدمة الواي فاي و الانترنت في انتظارهم على السواحل الأوروبية؟

شباب يركبون البحر فراراً من جحيم مدينتهم

موضوع يحتاج إلى وقفة من وراء نشر هذه الدعاية بين الشباب وتسهيل خروجهم وأيضا نشر صور دعائية لهم بهذه السرعة؟

و تستمر الحكايا على وقع أمواج البحر بين خطر الموت و أمل النجاة ، و بين مؤيد ومعارض  أصبح الشباب يركبون تلك القوارب المطاطية بالعشرات تاركين للبحر مهمة انتشالهم من حياة أصبحت لا تليق بالأحياء ولا يطيقها شباب يفيض بالطموح والقوة ، يرى العالم يسير بوتيرة سريعة نحو التقدم والازدهار وهم رقود لا يجدون أقل مقومات الحياة  ، بلا حريتهم وكرامتهم .

تتوالى الهجرات كل يوم ، و تحمل الأمواج أرواحا من خيرة شباب المدينة ،

والنتيجة في الحالتين واحدة ألا وهي أننا نفقد طاقات شبابية كان يعول عليها لبناء ليبيا ومن لم تلتهمه الحرب حمله البحر بعيدا .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :