- المهدي يوسف كاجيجي
في شارع النصر فى مدينة طرابلس، وبالقرب من بيتي، وعلى امتداد الرصيف تقع مجموعة من المكتبات معظمها يبيع مواد القرطاسية، على الرصيف خصصت واحدة منهم ركناً لعرض الصحف المحلية، وبما أن المكتبة تقع فى طريق تسكعي اليومي، فلقد وفرت لى فرصة المطالعة المجانية للعناوين الرئيسية، والتعرف على الإصدارات الجديدة، التى كان معظمها يظهر ويختفى. لفت نظري صحيفة ” فسانيا ” بأخراجها المتميز. الأسم ترجمة عن اللغة اللاتينية لأسم ” فزان ” كما ورد على غلاف الصحيفة، التى تصدر عن هيئة دعم وتشجيع الصحافة. ومن باب الفضول اشتريت نسخة فوقعت فى الهوي. ذكرتني ” فسانيا ” بجريدة ” فزان “، التي اصدرتها حكومة ولاية فزان فى الخمسينات من القرن الماضى. كانت تجربة رائدة شارك فيها الكثير من الكتاب من كل أنحاء ليبيا، طبعا مع اختلاف الازمنة فالأولى كان يتم إنتاجها وطباعتها بشكل بدائي وجمع يدوى، والثانية ابنة العصر الرقمى تجهيزا وفكرا ومما يثير إلاعجاب الحراك المهنى لفريق الشباب الصحفى الواعد بفكره المتآلق، وعلى رأسه أديبة شابة تم تكريمها ضمن عشر سيدات من ليبيا، عن تميزها فى إدارة وأستمرار صدور صحيفة ” فسانيا ” كصحيفة وحيدة حتى الأن تصدر فى ألجنوب. وانا أضيف انها العمل الصحفى الصامد الوحيد المتواصل الصدور ا فى ليبيا كلها منذ صدورها الاول سنة 2011 ، والتى تواصل الصدور فى ظروف بالغة الخطورة، تتمثل فى غياب الدولة، وسيطرت العناصر الأجرامية من عصابات تهريب ومرتزقة أجانب على المشهد فى الجنوب. إضافة إلى صراع دولى أقليمى، يهدف لتغيير التركيبة السكانية. كل هذه الملفات الخطيرة وغيرها، كانت ضمن القضايا التى قام فريق العمل الصحفى من الشباب في “فسانيا” بأثارتها اوطرحها من منطلق التبعية لليبيا الموحدة، وهو الهدف المعلن دائمآ من قبل اهل الجنوب عبر كل الأزمنة والعصور . الأصدار الصعب .. فى الزمن الصعب هذا الاسبوع وقع المحظور ونشرت رئيسة التحرير على موقعها تقول [ستغيب عنكم فسانيا الورقية مجبرة لا مخيرة لأيام غير معلومة بعد سنوات من الصدور وحيدة .. بسبب سرقة أجهزة التنفيذ بها] هذا الاعلان نشر بعد أن قام أعداء النجاح بالهجوم على مقر الجريدة، وقاموا بالعبث والسرقة لمحتوياته. خبر تداوله الشرفاء من أهل الوطن بمرارة وفزع لخطورته، وتجاهلته او تناولته بأقتضاب شديد وسائل الاعلام الحاملة لأسم ليبيا، من فضائيات ومواقع علي شبكات التواصل، التى تعودت فى توظيف الجنوب ومشاكله، ضمن الصراع فى المشهد السياسي الليبي، تبعا لوجهة نظر مموليها ومصالحهم. إلى درجة أن البعض منهم وبصفاقة قامت بالتلميح، بدعوة المجتمع الدولى بفرض حق تقرير المصير لقبائل التبو الليبية، والتحريض على الصدام المسلح بين الأشقاء في الوطن الواحد، على ارض الجنوب، بدلا من الدعوة لتلاحم وطنى، للدفاع عن ارض الوطن ضد الغزو ألاجنبى. ايها السادة تذكروا جيدا هذا الإصدار من صحيفة فسانيا، العدد 302 السنة التاسعة، الصادر بتاريخ الإثنين 11 رجب 1440 هجرية، الموافق 18 مارس 2019. إصدار أراد له أعداء النجاح ان يكون العدد الأخير، لتجربة صحفية رائدة احتفظوا به لانه سيكون توثيقا وتذكارا لانطلاقة جديدة لعمل كبير تحت شعار طرحه الشباب تحدياً يقول:( الإصدار الصعب .. فى الزمن الصعب ).