فوضى المشاعر

فوضى المشاعر

محمود شامي

ذات أمسية، رن جرس باب غرفتي في فندق أتردد عليه من حين لآخر، إتجهت إلى الباب دون وجل، فلم يعد هناك ما يهمني،، فتحته فإذا بأمامي شابة عشرينية، ترتدي حجابا أسودا وجلبابا بنيا وخمارا أسود وحذاء رياضيا أسودا، طولها حوالي 150 سنتمرا، وتزن ٦٥ كلغ تقريبا، جسمها مفعم بالحياة وضاج بالأنوثة، كانت ثملة ، غائبة تماما، لا تستطيع حمل نفسها، تستند على باب غرفتي، وهوت على … صدري …. دون أن تتفوه بكلمة، ذهلت، أجلستها على الكنبة، أعرفها حق المعرفة وأعرفها متماسكة قوية وعاقلة، أقبلت مؤخرا على حياة من هذا النوع، فعلت ذلك بعدما فشلت علاقتها العاطفية مع شاب لعوب مخادع إستبدلها بأخرى وتركها مكسورة مجروحة، …….

آه ..  ليتني لم أمنح لها عنواني ، ليت شري لم يطغى على خيري، ولم ألبها، للأسف طغى شري واطعتها ، لكني أقسم بالله أنه لم يفعل ذلك كلي ، إنما فعلته نفسي الأمارة بالسوء والتي كانت تسكن معى في ذلك الوقت لسوء طالعنا ، كنت أيضا بحاجة لأن أكون ملاكا لا إنسانا لأهرب من عرضها المهيب والمغري والذي يتعدى قدراتنا كبشر

 يعلم الله حجم معاناتي معها، في البداية أخبرتها أنها في مكان خطأ ، في زمن رديئ ، مع شخص سيئ هو أنا، وأخبرتها أيضا أنه لا يصح  … و أنها في ربيع العمر،  وأنني أربعيني وأنجبها، وأنه لا يمكننا ، ولا ولا)،،، ضربت بنصائحي عرض الحائط، إتجهت إلى القاع، وسحبتني معها،،  قامت ب خلع خمارها وحجابها وجلبابها، وقطعة بعد أخرى، حاولت منعها، أعدت عليها أشياءها مرارا،،،  في النهاية  لم أستطع صدها، أخرسني وجهها وشوش على مراكز الصحوة في دواخلي، ضيع بوصلتي وحساباتي ، وجه جذاب، بشامة خد تنتصف أنفها وشفاهها ، جسد يلمع مثل الذهب والياقوت ، وتضاهي صفاءه صفاء مياه سردينيا ونقاء تلك الجزيرة الإيطالية الهادئة والحالمة،  “عيناها واسعتان تشبه عينا (ريتا) البندقية التي تقول الأسطورة الإغريقية، أن آلها سكنها، وصارت مقدسة”1 … فمها صغير ضيق مثل العنقود، يشبه فم فتاة يابانية ساموراوية، تعيد إبتسامته الحياة لأرواح هجرتها الحياة ….  شعرها يشبه شعر بطلات بوليود وحركته في الهواء عاليا ، يمينا ويسارا وإلى الأمام ، مررته على وجهي، قبل أن تغطي به وجهها وصدرها ….  خصرها ضيق، كأنه نحت بأصابع فنان روماني أو رسم  بريشة تشكيلي فرنسي …. سلمت مهام جسدها لتشيرت خفيف شفاف أحمر اللون يصل إلى سرتها بالكاد ويظهر مفاتن صدرها الثائر حد الفتنة، رفقة جنز مفصل بالمليم على جسدها الممتلئ حد الكفر..

كيف أطالب بعد كل هذا باستعمال العقل ؟ أي عقل أبقته لنا هذه الشابة ، أنى لي أن أهدأ وعاصفتها في طريقها لتهد كل كياني،، لكنها ….. لم تكن تدري أن هناك عاصفة أخرى عكسية، أكثر فتكا ودمارا،،، هبت عاصفتينا في وقت واحد، انقلبت الدنيا رأسا على عقب، وعقبا على رأس، وهربا منها إختبأنا في داخل بعضنا البعض ، دخلنا في نوبة جنون،، …. أفقنا من نوبة سكرنا ونشوتنا، ومن رحلة غرقنا مع شروق الشمس، وأنا ألتحفها، ونلتحف سقفا إسمنتيا، نتوشح فضاء تلك الغرفة لا غير ، نسينا الله تلك الأمسية، فكيف نتذكر أمورا أخرى ،، في الصباح تذكرنا بصمت عائلتينا، تذكرت هي بصمت والدها الذي سيقطع رأسها إذا سمع برائحة ما جرى، تذكرت انا شريكتي، لكنني سرعان ما أزحت عن خلدي اللوم الكبير، لأني إعتبرت أن شريكتي تتحمل معي وزري ، فكنت أعيش حالة وفاة وخواء عاطفي، مع شريكة تعاني حالة برود مشاعري منذ سنوات ، هذا ما دعاني، أندفع بقوة وأنزلق أكثر وأرتكب جرمي ، يشهد الله أنني كنت مرغما ومغصوبا على إغتصابها، وخيانتها ، كانتا سببا وكنت ضحية، ضحية هيجان الأولى،  وبرود الثانية،

كان لقاءنا العذري الأول في مدخل حارة شعبية نسكنها، وهي تسلم لي نصوصها النثرية ، وآخر لقاءنا أيضا كان في مدخل تلك الحارة، تبلورت صورتها وترسخت في ذهني أكثر في لقائنا الأخير، أحسست بها أكثر من أي وقت مضى، وأنا اقرأ لها عمل أدبي بديع، و قصيدة نثرية مذهلة ابكتني من وجعها المتدفق حد الألم، ومشاعرها السيالة كشلال يهبط من اعلى قمة.

تلك القصيدة جعلتها تتبوأ صدارة همي وتعتلي عرش اهتماماتي، وتكبر في داخلي كنص نثري متوهج، مكتمل وناضج، تلك القصيدة أذلتني، وجعلتني أحتقر نفسي، لكنها أحدثت إنقلابا في حياتي، أعادت ترتيبي..

عشت قبلها حالات لا أخلاقية بالجملة، لم يؤنبني ضميري في واحدة منها، إلا أنه إستيقظ لحالتها، وقلت علي أن أصلح ما أفسدته، وأسعدها،،  رغم فارق سنينا الكبير، رغم إرتباطي بعلاقة شبه مقدسة،  لبيت طلبها وقررنا الأرتباط، أسعدها ذلك كثيرا ، وبكت من شدة الفرح .. في خضم الفرح وأجوائه ظهر ذلك الشاب ليقتلها من جديد ، مزقت  عرضها وقرارنا ، هرولت وراء السراب ، بقيت أنا مطلقا وأرملا في آن معا

النهاية..

 

هامش

1_ مقطع مقتبس من اغنية ريتا للفنان مارسيل خليفة .. وتقول الأغنية،  *من رأى ريتا ينحني ويصلي لآله في العيون العسلية.

.

 

 

 

 

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :