ما حاجتنا لمن يقر لنا يوم عيدنا ؟

ما حاجتنا لمن يقر لنا يوم عيدنا ؟

صالح حصن

أثير جدل حول رؤية هلال العيد هذا العام اتخذ طابعاً جديداً أقلق الناس في كافة مناطق ليبيا وأجمعوا على استهجان انقسام أجنحة  دار الإفتاء وكذلك انقسام أجنحة هيئة الأوقاف ببنغازي وطرابلس وعدم توافقهن على تحديد يوم عيد الفطر إما الجمعة أو السبت.

أجمع الناس على عدم براءة قرارايهما واعتبروه لا يخرج عن صراع القوى العسكر_سياسية متنازعة السلطة بعد انتفاضة فبراير_2011. 

رأوه متصلباً ومؤججاً لنزعة الشقاق وإثارة الفتن بين مناطق ليبيا الواسعة وسيخلق إصطفافات واهية بين من ينصاع لهذا أو ذاك في وقت يرجون فيه بناء الدولة واستقرارها. 

يحتاج الفرد هنا لاتخاذ قراره سريعاً إما غدٌ عيد أو بعد غدٍ. لذلك انحصرت الحوارات حول تفنيد أحد القرارين المتضادين وفي ذلك خلخلة لروابط المُجتمع المُكتسبة عبر أجيال باعتبار العيد بالناس وللناس وابتهاجهم بيوم العيد واجب على كل فرد منهم حتى من لم يقتنع منهم ما عليه إلا بالمشاركة وما يلزم إلا نفسه بالصوم دونما إعلانه،  فما بالك إذا كان ممن أوكلٌ إليه الأمر.

كنتُ طالباً في مدرسة سبها الثانوية حين سمعتُ شيخاً يقول إن قوافلنا كانت تخرج فجراً من “هون” قاصدةً “أم الأرانب” فتصل “بئر الوشكة” وقت المغرب لنبيت ثم نستأنف اليوم التالي. 

كنتُ أعرف أن المسافة بين “هون” و”الوشكة” 50_خمسون كيلومتر لذلك اعتمدتُه مقياساً لمسيرة القوافل في اليوم الواحد.

اليوم أطلعني الشيخ! “جوجل” على خط سير هجرة الرسول محمد”صل على الله عليه وسلم ” إلى للمدينة وأنها استغرقت 8_ثمانية أيام ولأن كُفار قُريش كانوا يلاحقونه أخذ مسلكا مُحاذياً لطريق القوافل ويقول “جوجل” أن طوله 380_ثلاثمئة وثمانون كيلومتر. ما يعني أنه يسافر 47_سبع وأربعين كيلو متر كل اليوم.  وهذا مُطابق لمقياسي الزمني الذي ذكرتُ أعلاه.

إذاً فالمُسافر كان يحتاج إلى يوم كامل (24_ساعة) لتنقله مسافة 50_خمسون كيلومتر. وكان السفر الوسيلة الوحيدة لنقل الخبر ما يعني أن خبر رؤية الهلال في بلدة تبعد _خمسون كيلومتر لا يصل قبل غروب شمس نهار ذلك اليوم، وبالتالي يكون الاختلاف بيوم من أحد اليومين المتوقعين للعيد أمرٌ بديهي وكان يحدث منذ بداية ظهور الإسلام بين المدينة المنورة ومكة المُكرمة.

ومثله ما نشهده الآن بين بلدان المسلمين الشاسعة رغم تطور وسائل نقل الخبر حيث أصبح الخبر ينتقل في ثواني، إضافة إلى دعم قواعد حساب الفلك دقيقة التوقعات.

إن، ما حدث في ليبيا هذا العام كان إستثناءً  فاضحاً لا دوَّنَ المدونون ولا هرّأ الهراؤون بمثله حيث وصل الإختلاف بين السكان وحتى الجيران في المدينة الواحدة بل وبين أفراد الأسرة الواحدة ممن يضمهم سقف بيت واحد مع والديهم، فمنهم من كان عيده بالجمعه ومن ينتظره بالسبت. صوم رمضان غير أنه عبادة مفروضة اكتسب عند الليبيين قيم تربوية و سلوكية ثابتة شكلت هويته الخاصة به وبدون أي مواربة يمكن تصنيف الشعب الليبي على أنه مُجتمعٌ أسري مُترابط و متدين.

 الأعياد سِمة إنسانية جاءت كضرورة مع تطور الإنسان من حياة الإنفراد الحيوانية إلى حياة الأسرة الراعية لنشئها الوارث ثم إلى تكتل مجاميع الأسر في مُجتمع وأقرها الدين الإسلامي و وقّرها المسلمون والأعياد لا تكون إلا بالجماعة و مع الجماعة فما حياة الإنسان سوى ذكرىات تعزز إنتماءه فمن لأطفال اليوم بأعياد تثبت لهم هويتهم غير ما يفعل آباؤهم.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :