الدكتور عبد السلام سويسي
..للخطاب الديني قدسيته ومنزلته الخاصة في حياة المجتمعات الإسلامية، إذ منه تستمد هذه المجتمعات قيمها فتتخذه دستورا ونهجا لحياتها.. لكن هذا المقدس قد يوظف توظيفا سياسيا، ما يفضي أن يكون أداة صراع مع أن جوهر دعوة الخطاب الديني هو الألفة والتعاون على الخير والتقوى، وبهذا الصدد لا غرابة أن يكون هذا الخطاب محل دراسة من الأساتذة والمفكرين .
من هذه الدراسات القيمة الكتاب الأكاديمي ( الخطاب الديني والشأن السياسي الليبي.دراسة تحليلية من منظور اجتماعي.) لمؤلفه الدكتور سالم ميلود أبو ظهير أستاذ علم النفس بالجامعات الليبية، جاء الكتاب في خمسة فصول مسلطا الضوء على الخطاب الديني من حيث ماهية هذا الخطاب ووسائل وأدوات نشره ، وجدلية الدين والسياسة والأحزاب والتيارات والتنظيمات ..
وقد تناول الدكتور سالم أبوظهير جزئيات عدة تفصل هذا الخطاب من حيث : أهميته فالخطاب الديني من أكثر الخطابات تأثيرا في المجتمعات، وفي المجتمع الإسلامي بشكل خاص ، وذلك لما للدين من قيمة عظمى في المجتمعات الإسلامية، وم للدين من قدسيه تسهم في تشكيل ملامح العقلية العربية للأفراد والمجتمعات..
وتيرى مؤلف الكتاب أن إشكالية هذا الخطاب، قد تكمن في قصور فهمه البشري أو على المستوى الفكري لا على مستوى جوهره الخالد كمالا ، وان أسباب القصور الفهمي كثيرة منها ما يرجع إلى التوظيف السياسي ومنها مرده إلى اختلاف الثقافة أو التفسير السطحي لهذا الخطاب وغيرها من أسباب..
كما تطرق كتاب الخطاب الديني والشأن السياسي في ليبيا، إلى الجهات المتعددة المعنية بنشر هذا الخطاب والإشراف عليه ، من الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، ومن المساجد والزوايا التي تتولى تحفيظ القران الكريم وتدريسه ، مروراً بمحتوى المناهج تعليمية فضلا عن دور شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الأنترنت على الشبكة العنكبوتية .
ومن بين فصول الكتاب الفصل الذي بحث في الإشكاليات المهمة حول جدلية الدين والسياسة .. واووضح لعلاقة بين الدين والسياسة وكيف أن هذه الجدلية قديمة / مبينا كيف أن ظهور بعض الفرق التي تسترت بالدين هي فرق انبثقت من رحم السياسة.. والشاهد أنه خلال العصور المتاخرة ظهر مصطلح الإسلام السياسي .
ملاك الأمر يبقى هذا الكتاب له قيمته باعتباره يمس قضية حياتية استطاع المؤلف أبوظهير من خلاله أن ينفذ إلى جملة من التوصيات الموضوعية حيث دعا في هذه التوصيات المذيلة في أخر صفحات الكتاب إلى أن يكون الخطاب الديني مرسخا للقيم التربوية بعيدا عن التطرف ناشرا قيم التسامح وقبول الآخر وغير،ذلك من التوصيات المهمة ما ينم عن قيمة هذا الكتاب.. هذه إشارة بنان لا تغني عن الدراسة المفصلة والبيان.