حكاية المخطوف محمد شراء الحياة بثلاثمائة دينار

حكاية المخطوف محمد شراء الحياة بثلاثمائة دينار

فسانيا/ أحمد التواتي

“لم يكتفوا باختطافهم لي بل استمروا في جمع غنائمهم و السطو على المارة ، فأي جشع هو ذاك؟ “… هكذا وصف محمد عصابات السطو المسلح وجريمة الخطف بمدينة سبها .

محمد الشاب الذي يبلغ من العمر 34عاماً ، يعمل صاحب سيارة أجرة (تاكسي)، هو الأكبر بين إخوته ، والده متوفً وهو يحمل على عاتقه مسؤولية أسرته

يروي محمد ماحدث في ذلك اليوم المخيف قائلا” : ركبت سيارتي و خرجت باكراً متجهاً إلى إحدى محلات قطع الغيار راغبا بشراء (براغي للسيارة )، و كان يوما رتيباً في بدايته، ولم أكن أتوقع ما ينتظرني .

عطل في المقتل

وتابع : ” و في منتصف الطريق فجأة تعطلت السيارة مقابل محطة الوقود ( شيل اقعيد)، حاولت إدارة المفتاح و تشغيلها عدة مرات دون جدوى. “

قطع انشغالي بتشغيل السيارة صوت شخص أتاني من سيارة مجهولة معتمة وقفت بجانبي، و كان المتحدث شخصا مألوفا لي اسمه تقريبا (عبدالله ) أسمر البشرة ، و بمجرد أن رأيته ومن معه شعرت بالرهبة ، وعدم الراحة، فانهالوا علي بالأسئلة ( من أكون؟ و من أي منطقة؟) .

 أكمل محمد : ” أجبتهم أنا من منطقة الناصرية، حينها طلب مني أحدهم أن أقترب منهم ، و بالفعل اقتربت منهم ، بالرغم من شعوري بعدم الارتياح، سألني أحدهم ، ماذا بك ؟ لماذا أنت متوقف هنا؟ أجبتهم وقد بدت علي ملامح القلق:

 تعطلت بي السيارة فاضطررت للتوقف .

 بابتسامة عريضة : أنت فدية !

أظهر ” طلبوا مني الركوب معهم ، و أخبروني بأنهم سيطلبون فدية من عائلتي ، صدمت عند سماعي ذلك ، و سألتهم:

لماذا؟ أجابوا بابتسامات عريضة : من أجل المال ، سنطلب خمسه آلاف دينار مقابل عودتك سالما لعائلتك ، و بالطبع سيدفعون المبلغ .

هددوني بالسلاح فركبت معهم.

أفاد ” ركبت معهم تحت تهديد السلاح ، وسألتهم ماذا عن سيارتي ماذا سيحل بها ، ربما ستسرق طمأنوني بأنه لن يقترب منها أحد

  عبق الحشيش ودورة المياه !

  استرسل ” ركبت و كانت السيارة معبقة برائحة المخدرات و الحشيش و المسكرات ،و بدأت رحلتي معهم، فانطلقوا يجوبون شوارع المدينة دون وجهة محددة و كانوا يصطادون فرائسهم في الطريق و يسطون على الأطفال و النساء فلم يسلم منهم أحد ، لم يكتفوا باختطافهم لي بل استمروا في جمع غنائمهم ، فأي جشع هو ذاك؟

  و تابع : ” بعد نهاية رحلة صيدهم توجهوا بي إلى إحدى المزارع ، أو الاستراحات لم أكن متأكدا؛ ً لأنني حينها كنت معصوب العينين ، أدخلوني إلى إحدى الغرف ، وفتح أحد أفراد العصابة عيني فوجدت نفسي محتجزا بالحمام ( دورة المياه) !

أشار محمد إلى أنهم ” اتصلوا بأخي و أخبروه بأنني محتجز لديهم و عليه دفع 5000دينار مقابل عودتي ، و لكن أخي قال بأنه لا يملك هذا المبلغ و أقفل الهاتف في وجوههم. ثلاثمائة دينار ثمنا” لحريتي !

و أعرب” كان ييدو على أحد أفراد تلك العصابة ، بأنه مستعد للتفاوض مع عائلتي بأقل ثمن ، و قال بأنه يريد تقديم المساعدة فليس بينه و بيني أي شيء (عداوة ).

من ثم كانت محاولة التفاوض الثانية مع والدتي ، فاتصلوا بها ، و كرروا على مسمعها ، ما قالوه لأخي ، و كانوا متأكدين من أن والدتي لن تتحمل اختطاف ابنها و ستفعل أي شيء لعودته ، بالفعل والدتي انهارت و بدأت تترجاهم و وعدتهم بأنها ستلبي طلباتهم على أن لا يمسني سوء

أوضح ” اتفقت عائلتي مع العصابة أن يأخذوا 300دينار مقابل حريتي ، و تم الاتفاق على وقت محدد بموقع السوق المحلي في منطقة القرضة، و لكن طلبوا أن يكون مكان استلام المال و مكان تسليمي مختلفين لحمايتهم . عصابتان للتسليم و الاستلام

وأكد” في طريقي للموقع الذي سيتم فيه إطلاق سراحي تعرضت لضرب مبرح و للكثير من الشتائم ، و اتفقت العصابة مع عصابة أخرى ليشاركوهم مهمة تسليمي و استلام المال.

وختم محمد ” وصلنا لمكان التسليم ، أحسست حينها بأني ميت يعود للحياة ، شعوري بأني سأعود لحياتي الطبيعية ولعائلتي لا يوصف ، و كأن ما مضى كان كابوسا طويلا ، انتهى مشهد التسليم وعدت لعائلتي ، ووجدتهم جميعا في انتظاري .. كان استقبالا يثلج الصدر.. سعادتي” بعودتي لعائلتي سالما” لا يمكن للكلمات أن تصفها ، خاصة بأنني لم أكن أتوقع أن أعود و أنا على قيد الحياة ، فعلا شعوري بقيمة الحياة و الحرية في تلك اللحظات لن أستطيع وصف جماليته.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :