حديث المساء

حديث المساء

مختار الورغمي

في ركن المقهى كنت تخاتل حرفا تائها ….كان المساء ثقيلا ومزاجك أثقل…رائحة النرجيلة تفوح من جنبات المقهى….رسم الدخان ملامح جارية من القصر العباسي…سمعت أو هكذا خيل إليك قصيدة من زمن بني عذرة …شردت وتاهت مراكبك بين أمواج الحيرة القاتلة …هزك الشوق إلى الشارع المألوف…غادرت المقهى متثاقلا…في آخر الشارع مخمور غادر الحانة للتو …كان مبحوحا وهو يردد” كول البسيسة والتمر يا مضنوني ألفين عشرينات توة جوني ” …أعادك إلى زمن خلته قد مضى دون رجعة …رأيت كلية 9 أفريل تذكرت تلك الطالبة السمراء التي تدخن سيجارتها …تذكرت أصوات الطلبة وهم يهتفون ضد السلطة …رأيت دماء حلمك مرسومة لم تجف …أحسست جرحك ينزف من جديد يؤلمك الوخز ولكنك لا تصيح ….تهم بمعانقة حلمك المغدور فيضحك الزمن ساخرا ….تجلس على الإسفلت تتحسس الدماء…تراها ولا تجدها يتوقف الزمن لحظة ليتلذذ بعذابك ثم يمضي إلى وجهة أنت تجهلها ….تحس برعشة وبعض العرق على جبينك ترى هل هو المرض؟…تنعطف يمينا إلى حلاق كنت تعرفه …تنظر في المرآة طويلا…يااااااه ما هذا اللون الأبيض في وجهك…لقد غزاك الشيب في غفلة منك …تنتظر دورك تطلب منه أن يحلق ذقنك …تحاول تزوير التاريخ …تاريخنا كله كذب ونفاق فلماذا أكون الاستثناء …تغادر وأنت تحس بنشوة الانتصار على الزمن …تركب سيارة أجرة فيستقبلك المذياع”عيرتني بالشيب وهو عار….” يسمع السائق تنهيدة لكنها لا يهتم ويواصل سيره يسألك عن مقصد فتجيب ” طلبت المستقر بكل أرض فلم أر لي بأرض مستقر”.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :