وَرَقَة عَنِ التّغَلْغُل الإسْرَائِيلِيّ فِى أفْرِيقْيَا الوَاقِعُ وَالأمَل ( 2)

وَرَقَة عَنِ التّغَلْغُل الإسْرَائِيلِيّ فِى أفْرِيقْيَا الوَاقِعُ وَالأمَل ( 2)

السفير :: جمعة إبراهيم

خطورة التحرك الإسرائيلى المدعوم من الغرب وخاصة الولايات المتحدة فى هذه الدول وغيرها من دول القارة جنوب الصحراء ، تكمن فى الترويج لفكرة أن هناك قواسم مشتركة ومصالح متبادلة تشكل خصوصية تجمعها دون الحاجة إلى وجود عربى فيها وما يعزز هذه الشكوك ،المخطط الهادف لتحويل حدود الدول العربية مع الدول الأفريقية المجاورة إلى خطوط تماس ومواجهة وصراع ،وهو مايبدو وآضحاً فى الحدود مع ليبيا ومع الجزائر ومع السودان ومع موريتانيا .

التواجد فى غرب افريقيا

التغلغل الإسرائيلى فى غرب افريقيا مهدت له القوى الإستعمارية السابقة من خلال تصويرها لإسرائيل بأنها دولة تعانى من التمييز تماماً مثل الأفارقة الذين يعانون من ممارسات العنصريين فى جنوب القارة ، وهكذا نجح الإسرائيليون فى عام 1957 فى فتح  سفارة لهم فى العاصمة الغانية أكرا بعد أقل من شهر من إستقلال غانا عن الإستعمار البريطانى ، تلاها فتح سفارتين إحداهما فى غينيا كوناكرى والأخرى فى ليبيريا وهى أول دولة افريقية تعترف بإسرائيل .وقد توطدت العلاقات مع دول المنطقة إثر الزيارة التى قامت بها فى عام 1955 رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك إلى كل من غانا ، وليبيريا والسنغال ونيجيريا ، وساحل العاج .

خلال العقود الخمس الماضية تعاظم التواجد الإسرائيلى بغرب أفريقيا ، وقد إستوجب هذه التحركات تطويق الدور المتزايد لإيران وتركيا فى هذه المنطقة وتخويف حكوماتها من دعم هاتين الدولتين للجماعات الإسلامية المتطرفة وربطها بحركات النضال الفلسطينى التى تعتبرها إسرائيل حركات إرهابية ، وهو ماشار إليه وزير الدفاع الإسرائيلى ” لبرمان ” أثناء زيارته لليبيريا عام 2010 حيث قال أن حركة حماس والجهاد الإسلامى حركات إرهابية مثل حركة بوكو حرام فى نيجيريا ، كما يسعى الإسرائيليون لحجب الدعم الذى يتلقاه حزب الله من الجالية اللبنانية المقيمة فى غرب افريقيا والمعروفة بتأثيرها القوى على حكوماتها ، وللحد من نفوذ هذه الجاليةشجعت الحكومة الإسرائيلية المستثمرين الإسرائيليين لتوظيف أموالهم فى غرب القارة ، ففى كوت ديفوار  تتولى شركة إسرائيلية تأمين مطار هوفت بونييه فى أبيدجان والميناء البحرى للمدينة لجعل الحركة البحرية والجوية فى هذا البلد خاضعة بالكامل للمراقبة الإسرائلية .

يأتى ضمن الإهتمامات الإسرائيلية بالمنطقة الوصول إلى أكبر تجمع إقتصادى فـى أفريقـا (الإكواس ) الذى يضم خمسة عشر بلداً بها ثروات طبيعية هائلة وسكان يصل عددهم إلى ما يقرب من (300) مليون نسمه مما يفتح المجال أمام الإستثمارات الإسرائيلية فى مجالات متعددة ،ومن المخططات  الإسرائيلية للتمركز فى هذه المنطقة الحد من تعاطف سكانها وغالبيتهم من المسلمين مع القضية الفلسطينة، وفى نفس الوقت كسب دعم هذه الدول للمواقف الإسرائيلية أمام المحافل والمنظمات الدولية .

أدرك الإسرائيليون أن مؤشر الميزان السياسى فى غرب افريقيا بدأ يميل لصالح الفلسطنيين وهو ماتأكد فى الأونة الأخيرة عندما دعمت حكومات غرب افريقيا وأغلب دول القارة إنضمام دولة فلسطين لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة  اليونيسكو ، وتعزز هذا التضامن فى تصويت أغلب الدول الأفريقية ضد قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى مدينة القدس رغم التهديدات الأمريكية ، وفى تحركاتهم ركز الإسرائيليون ومازالوا على دولتين فى غرب القارة هما السنغال ونيجيريا ،فالسنغال هى رئيسة لجنة فلسطين  فى الأمم المتحدة ، وتحاول الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحييدها عن هذا الملف بكل السبل بما فى ذلك الإغراءات الإقتصادية ،ولذلك تركزت أنشطة  شركاتهم بالسنغال فى مجال الزراعة والبنية التحتية وخاصة الطرق .

نيجيريا من أكبر الدول الأفريقية مساحة وأكثرها سكانا وبها موارد إقتصادية هائلة ومتنوعة. بدأت المطامع الإسرائيلية فى هذا البلد قبل إستقلاله فإبان الإحتلال البريطانى أرسلوا إليه الخبراء الرسميون والمتطوعون فى المجالات الإقتصادية والتعليمية  ثم تسلل الإسرائيليون إلى نيجيريابمجرد إستقلالها عام 1960 فأسسوا وجوداً إقتصاديا متميزاً فى هذا البلد ذى التركيبة  القومية والمناطقية التى تميزها أكثر من أى بلد أفريقى آخر   وهكذا أنشأوا مرآفق إقتصادية ضخمة تنفذها عدد مـن الشركات الكبرى منها  شركة ” نيوجرسال ” للإنشاء والتعمير ، ورغم قطع نيجيريا لعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل إثر حرب أكتوبر عام 1973 إلا أن العلاقات الإقتصادية والفنية تنامت بينهما عبر الدور الذى يلعبه المركز الإسرائيلى الدولى للتعاون ، وتعاون الأجهزة الأمنية النيجيرية مع جهاز المخابرات الإسرائيلى ” الموساد ” بدأ ستينات القرن الماضى عبر شركة أمنية إسرائيلية فتحت لها مكتب فى نيجيريا ، وتوطد هذا التعاون منذ وصول الرئيس الأسبق أوباسانجو ، وكرس هذا فى إتفاق رسمى عام 2003 من ضمن بنوده توفير الحماية لرؤساء الدولة ولكبار المسؤولين مما دغدغ تطلعات عدد من الرؤساء مثل الرئيس السابق (جوناثان جودلاك ) الطامحة فى أن تكون عصا الماريشالية فى أفريقيا فى يد نيجيريا .

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :